الميناء ــ فريد بو فرنسيسلا يشبه صيف منطقة رأس الصخر في الميناء ماضيه، فالمسبح الشعبي الذي كان هناك أقفل، ولم يبقَ منه إلا سور حديدي كان يحيط به. ورغم حداثة وجوده، إذ افتتح عام 2003، فإنه لم يصمد طويلاً، حيث اتخذت وزارة الأشغال العامة والنقل قراراً بإقفاله ريثما تجري معالجة أزمته البيئيّة؟ «فأقنية الصرف الصحي لمدينتي طرابلس والميناء تقع في محيطه، وأكثر من ذلك تختلط مياهها المبتذلة بمياهه، ما يمثّّل خطراً على سلامة زائريه»، حسب رئيس لجنة رعاية البيئة في الميناء المهندس عامر حداد. ولفت حدّاد إلى أن قرار وزارة الأشغال موقت «على أن يعاد افتتاح المسبح ريثما تحوّل المجاري إلى مكان آخر». غير أن قرار «الأشغال» بالإقفال لم يُثنِ الناس عن زيارة المسبح والسباحة فيه. فسمير تدمري مثلاً لم يكترث للقرار، ولم يعمد بالتالي إلى تغيير عاداته الصيفيّة. أما السبب؟ فيقول تدمري إنه «لا يمكنني اصطحاب أطفالي إلى مكان آخر في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، فالمكان هنا أقل كلفة والبحر كلو متل بعضو، لشو لنغيّر؟».
إذاً، «العجقة» لا تزال على حالها في المسبح الشعبي، فالناس ما زالوا يأتون إليه «رغم خطورته على السلامة العامة وغياب المحاسبة والرقابة أيضاً، أقلّه لحماية الأطفال من التقاط الميكروبات وتجنّب الأماكن الخطرة»، حسب المنقذ البحري «المتقاعد» من المسبح محمد ياسين.
يحنّ ياسين إلى المسبح، أو بتعبيرٍ آخر، هو يحنّ إلى لقمة عيشه التي انتهت صلاحيتها أواخر الصيف الماضي، ويقول «كنت أتقاضى شهرياً حوالى 400 ألف ليرة لقاء عملي كمنقذ بحري ومراقب للشاطئ. أما الآن، فأنا عاطل من العمل». ينهي ياسين حديثه عن الوظيفة الضائعة، وينتقل إلى حديثٍ آخر، مسترجعاً ما كان عليه المسبح قبل قرار الإقفال. يتذكّر ياسين المسبح «حتى كابينات تبديل الملابس والسور الجميل من الحديد والقصب الذي كان يحيط به ويمنع دخول المتطفلين إليه». أما اليوم، بعد الإقفال «فقد أصبح المسبح مهملاً ومتروكاً، ولا شيء يوحي بأنه كان في الفترة السابقة مسبحاً للعموم. غابت كل أنظمة السلامة العامة، فلا طاقم بحرياً متخصصاً يحسن استقبال الزوّار والترحيب بهم، ولا حتى طاقم للإنقاذ ولا لمراقبة سلامة المواطنين". هكذا، تغير المكان بسبب التلوّث. نفايات مرميّة في كل مكان. وُحُول. أوساخ وسور حديدي يفقد يوماً بعد يوم أجزاءه والقصب الذي كان يحيط به. فهل تفي «الأشغال» بوعدها وتنظف المسبح، قبل أن يصبح معلماً أثرياً؟