روز زيادهلا يعرض هذا النص بحثاً علمياً، ولكنه يبين حالات معيشة يومياً ضحاياها كثر والمسبّبون لا يحاسبهم قانون. الجنون هو زلزال يفجّر خلايا رأس الإنسان بطريقة الضغط النفسي والظلم المتمادي عليه. المجنون يكون دائماً شخصية هادئة، رصينة، يحترم مسؤولياته، ضميره واع، مرهف ومتسامح، لا يعرف حسداً أو كراهية.
لماذا يا ترى يقع الظلم على أصحاب هذه الصفات؟ تُسخّف جهودهم وتهضم حقوقهم ويخسرون موارد رزقهم حين يعملون بهمة ونشاط وصدق. عندما يضرب الزلزال خلايا دماغهم لا يجدون الاختصاصي المخلص لمساعدتهم في معاناتهم. لا اتهام لأحد، إنما لفت نظر. الاختصاصيون في بلدنا لا يهتمون كثيراً لسماع سبب ما وصل إليه المريض، فيتمسكون بالعوارض السطحية ليصفوا ثلاثة أو أربعة أنواع من الأدوية التي تهدّئ المريض لأسابيع وتفقده كل عزيمة. أما الاختصاصيون الذين يسمعون شكوى المريض، فلا قدرة مادية لهذا المنبوذ المجنون ليتمّم علاجه عندهم.
نحن الناس العاديين لا نعرف إلى أين يتوجه الإنسان صاحب مشكلة كهذه، لكي نطلب مساعدته قبل أن يكثر عندنا عدد المجانين. فإن كان هناك فعلاً مؤسسات تعنى بمن يعانون من الأزمات العصبية نتيجة ظلم المجتمع والمعاملة السيّئة، بعيداً عن الأدوية وانعكاساتها السلبية وخارج فكرة الربح والخسارة، نأمل أن يعلنوا وجودهم ليوجّه من هم بحاجة إلى اهتمامهم.