بسام القنطارنجحت مجموعة الأبحاث والتدريب في تخطي مجموعة عقبات في اللقاء الحواري الذي عقدته أمس في مركز جمعية الشابات المسيحيات في عين المريسة، الذي خصص لمناقشة البحث النوعي والأول الذي أنجزته المجموعة بدعم من مركز البحوث الدولية الكندي عن «دور المؤسسات الطوائفية في صوغ السياسة العامة في لبنان».
العقبة الأولى تكمن في الحضور الذي تكوّن بمعظمه من الفئة موضوع البحث نفسها، أي المؤسسات التابعة للطوائف أو المؤسسات ذات الطابع الطائفي. ولقد عبّر عدد منها عن تفاجئه بالنتائج الأولية للدراسة، وبالمنهج الذي اتّبعته للوصول إلى نتائج أبرزها، أن المؤسسات الطوائفية تؤدّي دوراً حاسماً في إعادة إنتاج الطائفية والنظم السياسية الاجتماعية بدلاً من التصدّي لها.
العقبة الثانية تمثّلت في عرض المسح والدراسة القانونية التي شملها البحث، إذ إن هذه الدراسة شملت حصراً المؤسسات الطائفية التابعة مباشرة للطوائف لا تلك ذات الطابع الطائفي، التي تشهر العلم والخبر مثل باقي الهيئات الأهلية المدنية. أما العقبة الثالثة، فتكمن في المصطلحات التي تضمنتها الدراسة. فمثلاً يختلف تعريف المذهب كتعريف سياسي عن تعريفه القانوني، وكذلك بالنسبة إلى الفرق بين الكنيسة والبطريركية، وصولاً إلى تعبير الطائفة وما يتفرع عنه من تعريفات متناقضة ومتباينة من الناحية القانونية والمعنوية.
وخلصت الدراسة القانونية التي عرضتها لينا أبو حبيب إلى «أن الطوائف في لبنان تمثّل كيانات ذات استقلالية عالية داخل الدولة، وأن الوضع القانوني للطوائف الإسلامية والمسيحية مختلف. فالطوائف الإسلامية مرعية بقوانين أُقرّت في مجلس النواب بخلاف الطوائف المسيحية غير الخاضعة في قوانينها الأساسية للدولة». وتشير الدراسة إلى أن النصوص القانونية التي كرّست هذه الاستقلالية يتعذر إيجاد مثال لها، «إذ رفعت إلى مصافّ الكيانات السياسية القائمة بذاتها، فغدت خارجة، في أقسام خطيرة من شؤونها، عن سيادة الدولة، ومن جملتها أيضاً أحوال أعضائها الشخصية ومحاكمها الروحية».
وعرض عمر طرابلسي لأهداف الدراسة ومنهجيتها. وأشار إلى أن الدراسة لم تتمكن بعد من الوصول إلى أرقام دقيقة وشاملة لحجم المساهمات المالية التي تحصل عليها الجمعيات الطوائفية من الوزارات المختلفة. لكنه أشار إلى أن دراسة جديدة غير منشورة لوزارة الشؤون الاجتماعية قدّرت مجموع المساهمات المالية الحكومية السنوية للجمعيات العامة بنحو 148 مليار ليرة (أي ما يعادل 99 مليون دولار) يعتقد أن جزءاً كبيراً منها خصص لدعم نشاطات الهيئات الطوائفية.
ومن أبرز النتائج التي خلصت إليها الدراسة «أن عمليات صنع القرار والممارسات في الهيئات الطوائفية تتأثر بالهويات الطائفية. وأن الاعتبارات الطائفية تملي القواعد المكتوبة وغير المكتوبة، اختيار من يعدّ قريباً ومن يعدّ غريباً في التعيينات، من يفعل ماذا، واستراتيجيات العلاقات المحلية والخارجية».
وأوضحت الدراسة أنه «غالباً ما تُضعف الاعتبارات الطوائفية اعتبارات الجدارة. وأن البحث يعزّز بقوة إشارات طوائفية مقبولة على جميع المستويات داخل الهيئات تؤدي إلى تعزيز الهوية والطابع الطائفي».


أبرز النتائج

أبرزت الدراسة أن الهيئات الطوائفية المشهرة لدى وزارة الداخلية بلغت حتى 2007 نحو 326 جمعية مقابل 3701 جمعية مشهرة خلال الفترة نفسها، أي ما نسبته 8.8%. لكن العدد الحقيقي لهذه الهيئات أكبر بكثير لكون القسم الرئيسي منها تأسس قبل الاستقلال وفي عهوده الأولى.
ومن النتائج الحاسمة للدراسة قيام الهيئات الطوائفية، بدلاً من الدولة، بالمشاركة في بناء رأس المال الاجتماعي بأسلوب عمودي. وأنه لا يوجد دليل على وجود رأس المال الاجتماعي الذي يخترق حدود الطوائف. وأن المواطنة والنوع الاجتماعي لا يزالان قضايا خلافية داخل هذه الهيئات.