انتهى الموسم الدراسي في صور، ومعه تغيّرت فئة زبائن مقاهي المدينة الساحلية. فبعدما مثّّل الطلاب مصدر الرزق الأهم لأصحاب تلك المقاهي، أخلوا الساحة مع حلول الصيف للمصطافين ورواد الشاطئ. لاستقبالهم، بدّلت المقاهي مواعيد افتتاحها وإغلاقها لتناسبهم، ولتظل صور عامرة...
صور ـــ آمال خليل
يتململ صاحب المقهى كلما نظر قبالته إلى ملعب الجامعة الإسلامية الذي أصبح فارغاً مع انتهاء العام الدراسي. فراغ الملعب انعكس على مقاعد المقهى الذي فقد تدريجاً رواده من الطلاب منذ أسبوعين مع بدء الامتحانات التي تتخللها أيام عطلة غابوا تماماً مع انتهائها. وفيما ينتظر الطلاب طيلة العام الدراسي ساعة انتهاء موسم الدراسة، لدى صاحب المقهى دافعه للتحسّر على انتهائه. فهو منذ افتتاحه «للكافيه»، منذ سنوات، لم يشهد «عزاً» مماثلاً للذي يعيشه منذ عامين بافتتاح الجامعة الإسلامية وجامعة «سي أند إيه» على الطريق الممتد بين الكورنيش الجنوبي حتى شارع الآثار. ولذلك، فإن النراجيل والسندويشات والمناقيش والمشروبات السريعة التي يقدمها لن تجد زبائن أفضل من طلاب الجامعتين الذين تتراوح أعمار معظمهم بين الثامنة عشرة والثالثة والعشرين من العمر.
يبدو أن الطلاب، زبائن المقهيين الأساسيين، قد تحوّلوا إلى قبلة استثمار رابحة لهم طيلة العام الدراسي الممتد لحوالى عشرة أشهر، ما حدا بالبعض إلى التسابق لافتتاح مقاهٍ ومطاعم جديدة بالقرب من الجامعتين. أسباب هؤلاء وجيهة، والمقهى يظل مجدياً في تلك المنطقة الجغرافية بحضور العنصر الطالبي أو بغيابه على السواء. بالنسبة إلى الطلاب، إنهم ملتحقون في جامعات خاصة يبلغ القسط السنوي الأدنى بين اختصاصاتها حوالى ألفي دولار. ولذلك، فإن القدرة الشرائية لدى معظمهم تعتبر، على أقل تقدير، متوسطة، مع الاعتماد على «همّة» صاحب المقهى في مراعاة زبائنه غير المنتجين بالأسعار، إضافة إلى أن موقع الجامعتين «استراتيجي استهلاكياً» لقربهما من الكورنيش البحري الجنوبي، مركز المطاعم والمقاهي من جهة، ومن السوق التجاري من جهة أخرى.
أما بعد انتهاء موسم الدراسة والطلاب، فيبدأ موسم المغتربين والسيّاح والزوار الذين يفد زهاء 180 ألف شخص منهم أيام العطلة الأسبوعية للاستمتاع ببحر صور. الفارق بين الزبائن الجدد الموسميين والزبائن الأصيلين هو المواعيد. فبينما كانت المقاهي والمطاعم تضطر إلى فتح أبوابها باكراً لاستقبال الطلاب، ضبطت مواعيدها على وقت الزبائن ما بعد الظهر، بعد أن تخف حرارة الشمس. ولا يخفي أحد أصحاب المطاعم «طمعه»، إذ يتمنى لو يجمع بين زبائنه الطلاب في النهار والزوار في الليل «لتصبح الغلّة حرزانة».
تبقى الجامعة اللبنانية ـــــ كلية العلوم التطبيقية فرع صور، خارج المنافسة، إذ إن حالها من حال طلابها، متواضعة. لذا، فإن المستثمرين «مدّوا أقدامهم على قد بساطها» وافتتحوا كافيتيريا متواضعة، تفي بالغرض نسبة إلى المصروف المتواضع للكثيرين من الطلاب، فضلاً عن أن موقع الجامعة الكائن عند طرف المدينة في منطقة زراعية خالية من السكان وبعيدة عن الطرق الرئيسية، أدى إلى وصفها في لغة المستثمرين بـ«الميتة».
من جهتها، تتشابه الجامعة الأميركية للتكنولوجيا التي دشّنت موسمها الدراسي الأول هذا العام مع الجامعة اللبنانية في الموقع الجغرافي غير المحظوظ، بعدما اختارت إدارتها بلدة العباسية لافتتاح فرعها الأول في الجنوب. الموقع الكائن عند أطراف الجهة الجنوبية لمدينة صور منع بعض الطلاب من الالتحاق بها بسبب المواصلات غير السهلة إليها في الأوقات كلها. قلة من «الكافيهات» كانت كافية لطلابها القلائل الذين تبقى مدينة صور قبلتهم للراحة والاستمتاع.


استباق «شر» الصيف في الإسلامية

في الجامعة الإسلامية، تبدو الإدارة أكثر الفرحين بنهاية الفصل الدراسي. حتى إنها استبقت «شوبات» الصيف و«التزليط» بنداء علّقته على لوحة الحائط تناشد فيه الطلاب، والطالبات خصوصاً، التزام اللباس المحتشم واعتماد الأزياء التي تليق بحرم الجامعة وبهيئة طلاب العلم. وتقرّ الطالبة رشا بكري (سنة أولى غرافيك) بأن «بعض الزميلات تحوّلن المشوار اليومي إلى الجامعة إلى منصة لعرض أحدث ثيابهن وابتكاراتهن في فنون الماكياج وزينة الشعر التي تصلح لحفلة ساهرة لا لمكان لتحصيل العلم!».
ومن حسن الحظ أيضاً، فإن موسم الصيف يتزامن مع إقفال صفوف الدراسة المطلّة على بحر صور، الكثير الراود. فزرقة البحر ولهو السابحين وضحكاتهم تسرق تركيز الطلاب من شرح الأستاذ.