يتحفظ كرم عن الإفصاح عن إمكانية احتفاظه بموقعه في التوليفة الحكومية المرتقبة، وإذا حصل ذلك يتحفظ أيضاً عن إبداء موقفه من الاحتفاظ بحقيبة البيئة. لكن مراجعة سريعة للوزراء الذي تعاقبوا على «وزارة الزبالة»، كما يختصر بعض «النجباء» عملها، تظهر أنها لم تكن موضع تمسّك الأحزاب والطوائف. كرم، السعيد بإنجازاته، سيترك لخلفه ملف النفايات المنزلية، ووصيته «أحرق ولا تطمر»
بسام القنطار
يبدو الوزير طوني كرم أكثر ثقة بإلمامه بشؤون وزارته بعد قرابة عام أمضاها في أولى حكومات عهد الرئيس سليمان. ينكب الطبيب، الذي التقته «الأخبار» في مكتبه في بناية اللعازرية، على متابعة برامج قناة «ديسكوفري». يبدو سعيداً، وخصوصاً بتقرير بثته الأخيرة عن جدوى التشجير عبر نثر البذور من الجو، لأن وزارة البيئة خاضت هذه التجربة للمرة الأولى في عهده، وبحسب التقرير الذي وصله فإن نسبة كبيرة من هذه البذور قد أبصرت النور.
وبغض النظر عن الموقف المتحفظ لوزارة الداخلية من الاستراتيجية الوطنية لمكافحة حرائق الغابات ودورها في تنفيذها، فإن هذه الاستراتيجية التي أعدتها جمعية الثروة الحرجية والتنمية بإشراف من وزارة البيئة، يسجلها كرم في خانة إنجازاته، رغم أنها لم يقرها مجلس الوزراء بعد.
أما مرسوم تنظيم عمل المقالع والكسارات، فيعتبره كرم إنجازه الأبرز، الذي صدر في الجريدة الرسمية في 14 نيسان الماضي. ويشير كرم إلى أن هذا المرسوم أوقف فوضى كانت سائدة، معلناً رضاه عن عمل المجلس الوطني للمقالع والكسارات.
تتحفظ الجمعيات البيئية على المرسوم المذكور، لأنه كسابقه لم يراع أولوية إعطاء تراخيص للمقالع والكسارات في الأملاك العامة، وخصوصاً في السلسلة الشرقية، ما سيدر على الخزينة أموالاً طائلة، بدلاً من توزيعها على مستثمري قطاع خاص استنفد السلسلة الغربية لجبال لبنان.
لكن كرم يشير إلى أن تجربته في الوزارة جعلته على اطلاع أكبر على أهميتها، «لأنها الوزارة الجامعة لكل الوزارات»، كما قال. ويرى أنه «إذا كتب للبنان فترة استقرار وهدوء سياسي وأمني، فإن للوزارة دوراً كبيراً يمكن أن تلعبه»، مبدياً استعداده «لنقل تجربتي لأي وزير مقبل، وخصوصاً إذا كان من حلفائنا» بحسب قوله.
قبيل مغادرته، يستعجل كرم نشر نتائج المسح الميداني الذي قامت به سفينة الأبحاث «قانا» قبالة شاطئ سلعاتا. ويعمل خبراء من معهد علوم البحار التابع لمجلس البحوث العلمية على فحص عينات والتقاط صور تحت الماء لإظهار التلوث الذي يسببه معمل شركة كيماويات لبنان المرابض قبالة الشاطئ. يستشيط كرم غضباً لقراءته مقالات تنتقد موافقته على تمويل هذا المسح من جانب الشركة الملوثة نفسها. فهذا النقد بحسب رأيه يفتقد للحد الأدنى من الموضوعية الإعلامية، فمجلس البحوث سيصدر النتيجة مهما كانت، والشركة مستعدة لإنشاء قسطل داخل البحر إذا تبين أنها تلوث الجرف القاري القريب من الشاطئ. ويشير كرم إلى أنه على ثقة بأن نسبة التلويث الذي يسببه هذا المعمل هي أقل بكثير مما يشاع، وبالمقارنة مع معامل أخرى موجودة على شاطئ المتوسط، وخصوصاً في إسرائيل.
أما الملف الأكثر سخونة، الذي يدفع كرم لإنجازه بأقصى سرعة ممكنة، فهو ملف النفايات المنزلية الصلبة. ولقد أعلن كرم أنه رفع إلى رئاسة الحكومة ومجلس الإنماء والإعمار خطة وطنية لمعالجة النفايات تمهيداً لعرضها على مجلس الوزراء.
وترتكز هذه الخطة على اعتماد تقنية حرق النفايات وفق الشروط المعتمدة في مدن أوروبية عدة. كرم أكد لـ«الأخبار» أن هذه التقنية هي الحل الأنسب للبنان، لأن البلد لا يستوعب إقامة مطامر جديدة على غرار مطمر الناعمة. فالمساحات ضيقة والمطامر يجب ألا تقام فوق ارتفاع 300 متر عن سطح البحر لحماية المياه الجوفية.
ويشير كرم إلى أن شركة عربية، رفض الكشف عن هويتها، تقدمت بعرض أولي لإنشاء 5 محارق عبر عقد BOT (بناء/تشغيل/ استرداد) بكلفة تفوق المليار دولار. وأن هذا العرض حاز اهتمام الوزارة، وهي طلبت من مجلس الإنماء والإعمار إعداد دفتر شروط في هذا الشأن.
ولم يوضح كرم المسار المتكامل للخطة التي تقدم بها، لكنه أوضح أن الوزارة لا تحتاج إلى كتابة خطط واستراتيجيات جديدة «فكلها موجودة في أدراج الوزارة ولا تحتاج إلا إلى بعض التعديلات والتطويرات الطفيفة». وعلى غرار أسلافه في الوزارة، لا يؤمن كرم بقدرة الشعب اللبناني على فرز النفايات من المصدر، لذلك من المتوقع أن تشمل النفايات التي ستُجمع وتُحرق، استناداً لتجربة الفرز المركزي الحالية، بقايا مواد يحظر حرقها، وخصوصاً تلك التي ينتج منها مادة الديوكسين المسرطنة.
ومن المعلوم أن المنظمات البيئية العالمية تتحفظ على تقنية حرق النفايات غير المفرزة، وتعتبرها معادية للإنسان والبيئة، وهي تشجع على اعتماد خطط طويلة الأمد وتشريعات وحوافز ضريبية للتخفيف من إنتاج النفايات وفرزها من مصدرها وإعادة تدويرها.
ولكن ماذا عن الشركات مجموعة ايفردا (سوكلين سوكومي وغيرها) التي مدد لعقودها المنتهية الصلاحية مع مجلس الإنماء والإعمار منذ فترة؟ فهذه الشركات تمتلك بنية تحتية ضخمة قائمة على استراتيجية الجمع والمعالجة والطمر، الأمر الذي يجعلها الوحيدة القادرة على الفوز بأي مناقصة إذا أُطلق دفتر شروط جديد قائم على استراتيجية الطمر. يرى كرم أن «على هذه الشركة أن تتكيف مع الواقع، إذا قررت التقدم للمناقصة بحسب دفتر الشروط الجديد الذي سيعتمد استراتيجية الحرق».
أما بالنسبة إلى ملف الصيد البري، فيبدو كرم أقل حماسة من السنة الماضية لجهة الرغبة بفتح موسمه في تشرين الأول المقبل، برغم أنه ركز كثيراً على هذا الملف. «المهم بالنسبة لي أن تجهز النوادي لتدريب الصيادين على معرفة أنواع الطرائد المسموح بصيدها، وتقنيات السلامة العامة». ويختم بالقول «لا يهمني إن كان صياداً ماهراً، بالعكس كل ما كان ما بيعرف يقوص بيكون أحسن للعصفور وللبيئة».