أصدرت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أمس بياناً أوضحت فيه أهداف التعديلات التي أُدخلت على قواعد الإجراءات والأدلّة. البيان لقي استغراباً في بعض الأوساط القانونية المتابعة لعمل المحكمة وذلك لناحية توقيته، إذ إن التعديلات كانت قد أُدخلت منذ نحو شهر. كما كانت «الأخبار» قد نشرت دراسة أشارت فيها إلى أن التعديلات ستؤدي إلى تراجع في الشفافية التي تمثّل أحد مصادر الثقة بعمل المحكمة. على أيّ حال، حدّدت المحكمة أمس أهداف التعديلات بالآتي: «تحسين المواد وضمان اتّساقها على أفضل وجه مع أحكام نظام المحكمة الخاصة الأساسي وروحه، وضمان اتساق المواد المعدَّلة مع المواد الأخرى ذات الصلة من القواعد الإجرائية وقواعد الإثبات، وتوضيح بطريقة أدق مسؤوليات التعاون وواجباته القائمة على اتفاقات محتملة بشأن المساعدة القانونية، والحث على تعاون الدول والمنظمات ومصادر المعلومات الحساسة مع المحكمة الخاصة قدر الإمكان، وتلبية المقتضيات العملية للتحقيقات الجارية، وحماية سرية المعلومات خلال مرحلة التحقيق بهدف إجراء التحقيق بفعالية و/أو حماية أي شخص».وكان التعديل الأبرز الذي أدخله القضاة على قواعد الإجراءات والأدلّة في نصّ القاعدة الـ96. فبحسب ذلك التعديل يمكن أن تخفي المحكمة الخاصة معلومات تتعلّق بالإجراءت التي مهّدت لصدور مضبطة الاتهام والمحاكمة إلى ما بعد صدور الحكم النهائي وإلى ما بعد الاستئناف، لا بل إلى زمن غير محدّد إذا اقتضت حماية «أي شخص» ذلك. إذ أُعيدت صياغة القاعدة الـ96، بحيث أُضيفت فقرة بعد الإشارة إلى علانية الإجراءات القضائية التمهيدية للمحاكمة، تحدّ من الشفافية المفترضة. فالنصّ قبل التعديل جاء على النحو الآتي: «إن جميع الإجراءات التمهيدية للمحاكمة، غير تلك المتعلّقة بطلبات التحقيق الملزمة الصادرة عن المدعي العام ورئيس مكتب الدفاع، بما فيها مذكرات التفتيش والتوقيف أو تأكيد الاتّهام وتلك التي تتعلّق بالقواعد 115 إلى 119 (قواعد خاصة بأمن الدول وسريّة مصادر المعلومات) يجري إعلانها (shall be held in public) إلا إذا اقتضت القواعد غير ذلك، أو إذا قرّر قاضي الإجراءات غير ذلك بعد الاستماع إلى الادعاء والدفاع». بينما يتضمّن النصّ المعدّل فقرتين، الأولى تذكر علانية الإجراءات، لكنها تسبق ذلك باشتراط مضمون الثانية، إذ ورد فيها: «أ. مع الخضوع لما يرد في الفقرة الفرعية «ب»، تكون الإجراءات التمهيدية للمحكمة علنية، إلا إذا اقتضت القواعد غير ذلك، أو إذا قرّر قاضي الإجراءات التمهيدية ذلك بناءً على طلب الادعاء أو الدفاع». استثناء علنية الإجراءات التمهيدية يخضع إذاً لنوعين من الشروط، موزّعين على الفقرتين في نصّ القاعدة الـ96. الفقرة «ب» المضافة تنصّ على «أي مستندات (filing) أو طلبات تتعلّق بـ(i) إجراءات تحقيق قمعية (coercive) بما فيها طلب مذكرات توقيف وتفتيش، (ii) طلب تأكيد اتّهام، أو (iii) طلبات أو تبليغات تتعلّق بالقواعد 115 إلى 119 (القواعد الخاصة بأمن الدول وسرّية مصادر المعلومات) التي تقدّم بها المدعي العام مختومة (under seal) (غير علنية) تبقى كذلك أطول وقت ممكن بحسب متطلّبات التحقيق الفعّال و/أو لحماية أي شخص». يشار هنا إلى أن مقتضيات التحقيق يحدّدها تسلسل الإجراءات القضائية، بينما لا تحدَّد مقتضيات حماية الأشخاص بمهلة زمنية.
رئيس المحكمة الخاصة القاضي أنطونيو كاسيزي كان قد أدخل التعديلات بعد التشاور مع المدعي العام دنيال بلمار ورئيس مكتب الدفاع فرانسوا رو ورئيس القلم روبن فنسنت، «في إطار جهوده المتواصلة لضمان تمتع المحكمة الخاصة بالإطار القانوني المناسب وبالصكوك اللازمة لكي يؤدي مهمّاته بطريقة فعّالة» كما ورد في البيان. وكان قضاة المحكمة الأحد عشر قد اعتمدوا التعديلات بالإجماع في 5 حزيران، ونُشرت على موقع الإنترنت الخاص بالمحكمة في 10 حزيران 2009. ودخلت التعديلات حيز التنفيذ في 19 حزيران 2009.
(الأخبار)