سمير يوسفكان الباب مصنوعاً من خشب الأسف. لم أكن أعرف نوع الخشب هذا. قيل لي لاحقاً إنّه يستورد من بلاد التجربة. مع دخولي الغرفة المحظورة وجدت نفسي أقف على مربع خفيف اللون لدرجة الشفافيّة. مربّع رسمهُ كازيمير ماليفيتش قبل ستالين. كان الجوّ كوجنة، فارغاً وفاغراً في الوقت نفسه. مددت يدي في الفضاء الناعم فخرج مني مطرٌ كثيرٌ شلّع بدقة الذكريات ثم انحدر إلى جبال التجلّي. ردّدت: «ها قد عبرت الأبعاد وبجانبي مغامرون رفاق، ها قد عبرت البعد الأرزق وجذبتني الأعماق». لم أميّز إن كان هذا القول من أشعار أدونيس أو من كتابات ماليفيتش الفلسفية القليلة. كلّ ما في الأمر أنّي أدركت أطراف مظلات سوداء في شوارع العاصمة البلغارية لأنّي رذاذ فانٍ إذا ما قسنا الفناء على مقياس الوقت. لعبت بضوء السماء القريبة وأنزلت من ستار هيكلي مئة فراشة نحو نواعير النهر الأحمر. في طيات أنفي عشّشت أساطير وفي طيات الأساطير انطوت أسماء ومقولات، بين المقولة والأخرى استكان عرق من إيروتيكية قدميك؛ هو الذي استكان بصمت لأنّه استفاق على حجر مراهق. أما في طية العرق، فهناك النقاط السوداء والمعاطف وألوان العنق، هناك حلزونيات تتشابك بأخرى تُغرق العين في المدى وتقتل النّص في آخر زفير الحبر.
أنام من نصّي الذي به وفيه بكليّة فائقة أتيقظ. أنام فأجد أشلاء كلمات أخرى، أغسلها من سماء صوفيا، أغسلها على نهد امرأة محاربة. أغسلها ولا ينتهي الغسيل لا بل آسف على عقرب لا يلتف ولا يرقص إلا ناحية الجبين الواحد القاطن في رحمك.