وليد أبو الحسنحوّلوا الأراضي البور إلى جنات نعيم خضراء تزخر بكل ما لذّ وطاب من خضار وفواكه وحبوب. شقوا الطرق والشوارع وبنوا السدود وأقاموا العمران والمصانع والمعامل، وعملوا فيها بكل قوة وعزم وإخلاص، لإنتاج ما يُسعد البشرية في كل مكان من هذا الكون الفسيح. عمال العالم، نحتفل اليوم بعيدهم؛ عيد النضال والعطاء والبذل والتضحيات الجسام السامية. بسواعدهم وعقولهم تنهض الأمم وتنمو على طريق التقدم والرقيّ والحضارة، وتنعم الإنسانية بالرفاه والازدهار والرخاء. هؤلاء الأبطال البواسل، يواجهون الآن أزمة مالية واقتصادية عالمية حادة ترخي بظلالها الثقيلة على معيشتهم وسائر مناحي الحياة، بطالة، وخسارة لأعمالهم التي يرتزقون منها كي يعيلوا عيالهم، الأمر الذي يولّد البؤس والحرمان والمعاناة الشديدة. ومن هنا يجب على عمال العالم أن يتحدوا في مواجهة أي أزمات طارئة، فضلاً عن وجوب وضرورة محاربة كل أشكال استغلال أرباب العمل وأصحاب المشاريع جهدهم وتعبهم وعرق الجبين، لا سيما هؤلاء الجشعين الذين يطمعون بأرباح هائلة خيالية لا يمكن جنيها إلا على حساب تضحيات العمال، إضافة إلى سرقة المستهلكين ونهبهم، وخصوصاً عندما تكون الدولة غائبة عن دورها الحقيقي المطلوب منها في حمايتهم.
إنّ العمال هم العمود الفقري لحركة البناء والتطور والتنمية المستدامة، المطلوبة دوماً من أجل المستقبل الزاهر المنشود. ومن هنا جاء تكريم العمال كل عام في عيد مبارك مقدس باسمهم، وذلك تقديراً وإجلالاً لعطاءاتهم اللامحدودة في خدمة الإنسان والإنسانية.
يعاني العمال في وطننا الحبيب لبنان ضغوط الحياة في ظل أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة. ولذلك مطلوب إنصافهم بتحقيق مطالبهم المحقة العادلة التي طالما كافحوا من أجل تحقيقها، متخذين مواقف شجاعة جريئة، نزلوا فيها إلى الشارع غاضبين في تظاهرات عارمة مجابهة للظلم والاضطهاد والقهر.
فهل سيعيد التاريخ نفسه بانتفاضة عمالية تبدأ في الولايات المتحدة الأميركية كما حصل سابقاً في شيكاغو؟
وهنا لا بد أن نعود إلى المعلم الشهيد كمال جنبلاط نصير العمال والفلاحين، القائل: «العامل شريك رب العمل»، وإن العامل بدوره أيضاً يقدم رأس مال متمثّلاً بجهده وتعبه وعرقه الشريف.
كان المعلم الشهيد يؤمن بعدالة قضايا العمال بامتياز، أوَليس هو القائل: «إن مَن ليس على صدورهم قميص سيغيّرون العالم»؟ لذلك كان قراره التاريخي الرائع بأن يكون تأسيس حزبه التقدمي الاشتراكي في الأول من أيار، عيد العمال العالمي.
فإلى هذا الحزب التقدمي الاشتراكي الرائد بقيادة رئيسه وليد جنبلاط، والعمال في عيدهم، ألف تحية واحترام.