زينب زعيتر«إدخال مواد تعليم الاقتصاد، وعلم الاجتماع، والصحة أمور إلزامية، ومن بينها مادة التثقيف الجنسي». هذا ما جاء في قرار صدر الأسبوع الماضي عن لجنة مدراء المدارس الابتدائية والثانوية في بريطانيا، وما بات يُعرف بقرار PSHE. حدّد التربوي ريتشارد جارنر، في مقال نشرته أخيراً صحيفة «غارديان» البريطانيّة مقررات مادة التثقيف الجنسي، والمعلومات التي يجب أن تدرس في كل مرحلة دراسيّة وبما يناسب كلّ عمر.
في سن الخامسة يتعلم التلميذ السيطرة على مشاعره وعواطفه، وفي السابعة يتعلم كيفية بناء علاقات مع أشخاص متعددين، وفي هذا العمر أيضاً ثمة ضرورة لمعرفة التلميذ كل أعضاء جسمه. أمّا عندما يبلغ 11 عاماً، فينتقل التلميذ إلى مرحلة متطورة تجعله قادراً على شرح البناء والوظيفة الخاصة بكل عضو من أعضاء الجسم، إضافة إلى معرفة كل التغيرات الجسدية التي تحصل أثناء فترة البلوغ. على التلميذ أن يكون قادراً في عمر 14 عاماً على الاعتراف بالنشاط والعلاقات الجنسية ومناقشة أهميتها من حيث التناسل البشري، ومناقشة ضرورة استخدام وسائل منع الحمل، والأمراض التي تنقل من خلال العلاقات الجنسية، إضافةً إلى مواضيع الزواج والحمل والأبوة والحياة الأسرية. أخيراً، في عمر 16 عاماً يُطلب من التلميذ أن يكون قادراً على تقييم المخاطر والمنافع المرتبطة بممارسة الجنس، وعليه أن يكون على معرفة تامة بمرض «الأيدز»، وقادراً أيضاً على تقديم خيارات أكثر أمناً بناءً على هذا التقييم للمخاطر، إضافة إلى البحث عن المشورة الصحية المتعلقة بالأمراض الجنسية من أجل بناء خلفية واضحة عن الموضوع.
لم يلقَ القرار الجديد المتعلق بإدخال قانون تعليم التثقيف الجنسي الترحيب الكامل من المدارس الكاثوليكيّة البريطانية، رغم أنّ نص القانون قد أعطى الحق لمن يشاء من الآباء والأمهات بسحب أبنائهم من حصص مادة التثقيف الجنسي. وجاء الاعتراض على خلفية مقرر «وسائل منع الحمل وفوائدها»، لأنّ الكنيسة تحّرم استخدام هذه الوسائل.
من جهته رحّب سيمون بلايك، مدير مركز الخدمات الاستشارية للنشاطات الجنسية وطرق منع الحمل، بتعليم التثقيف الجنسي، معتبراً «أنّ التلميذ يجب أن يكون مهيأً ليأخذ قراره بأن يستخدم في مرحلة لاحقة وسائل منع الحمل، أو يتخذ قراراً بالإجهاض، أو أن يكون من المثليين جنسياً، وهذا من أقصى حقوقه الشرعية. واعتبر أنّ الأهل الذين يسحبون أطفالهم من هذه الحصص يساهمون في إضعاف مكانتهم الجنسية التعليمية المعرفية». قانون PSHE، لا يعني فقط مادة التثقيف الجنسي، بل يشمل الكثير من المواد التعليمية الجديدة، ومنها: التعلم عن مخاطر المخدرات والكحول، والحمية والأسلوب الحياتي الصحي، وتعلّم مخاطر الانخراط في العصابات، والتوجيه المهني، وتدريس أصول التجارة المالية، (إدارة الشؤون المالية)، وغيرها من المواضيع التي تشمل الحياة الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والشخصية.
القرار البريطاني يلفت النظر مجدداً إلى أهمية تثقيف الطفل منذ عمر صغير، وتدريجياً عن أهمية التعرف إلى جسده، ثم إلى الحياة الجنسية، ويذكّرنا من جهة أخرى بالضجة التي قامت في لبنان قبل نحو عقد لمنع إقرار مادة التثقيف الجنسي في المنهج الدراسي الجديد، ليبقى أبناؤنا بذلك أسرى مفاهيم ومعتقدات خاطئة، وليظل الجنس «تابو» تُمنع مناقشته.