سبق سالافرانكا أولبرايت. وصل الأوروبيون وعقدوا مؤتمراً صحافياً أعلنوا فيه بدء مراقبتهم الانتخابات قبل ساعات من وصول وزيرة الخارحية الأميركية السابقة ورئيسة المعهد الوطني الديموقراطي، مادلين أولبرايت، الذي يفترض أن يراقب الانتخابات بدوره. لم يبق إلا الجامعة العربية والأتراك لتكتمل حفلة مراقبة حسن ممارسة اللبنانيين لديموقراطيتهم
مهى زراقط
أمنيتان راودتا أمس عدداً من المشاركين في تغطية المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات النيابية، خوسيه أيغناسيو سالافرانكا. الأولى: توفير ترجمة لمضمون المؤتمر الصحافي، والثانية إعطاء المزيد من الوقت للصحافيين لطرح الأسئلة، التي، على قلّتها، لم تخل من دلالة.
فعلى الرغم من وجود مترجمة (رانيا أبو زيد) على منصة المتحدّثين، بقي عدد من الصحافيين مرتبكاً في طلب الترجمة الفورية من الفرنسية التي تحدّث بها سالافرانكا، إلى العربية، متوقعين أن تأتي المبادرة من المسؤولين عن تنظيم المؤتمر الصحافي. وقد يكون غياب الترجمة، هو ما حال دون الاستماع إلى مزيد من أسئلة الزملاء، ولا سيما المتعلقة منها بالانتهاكات الانتخابية. إذ سلّم بعضهم بـ«بديهة» مراقبة دولية للانتخابات، فتجاوزوها إلى طلب تصديق اللجنة على مخالفات تداولها الإعلام عرضوها في صيغة سؤال. لكن هذا لم يحصل، وبقي سالافرانكا متحلّياً بموضوعيته، أو بدبلوماسيته، حتى السؤال الأخير الذي طُرح عليه والمتعلّق بالتغييرات التي يتوقع أن تشهدها العملية الانتخابية المرتقبة في حزيران 2009، بالمقارنة مع انتخابات عام 2005.
عندها لم يستطع سالافرانكا، الذي رأس بعثة المفوضية الأوروبية لمراقبة انتخابات 2005، أن يبقى متواضعاً، وفق تعبيره، وخصوصاً بعدما «تم الأخذ بكثير من التوصيات التي تضمنها تقرير بعثة الاتحاد إثر مراقبة الاستحقاق الفائت»، ومنها على سبيل المثال: تنظيم الانتخابات في يوم واحد، اعتماد بطاقة الهوية وثيقة للتصويت، مراقبة الإعلام والإعلان الانتخابيين، وجود السواتر العازلة، مراقبة الإنفاق الانتخابي، معتبراً أن هذه الخطوات «ستساهم كلها في تأمين فرص أكثر إنصافاً للناخبين والمرشحين على حدّ سواء».
لكن هذا لا يعني عدم وجود أمور مثيرة للجدل في الاستحقاق الحالي، منها ما ورد في النص المكتوب الذي وزّعه المكتب الإعلامي لكلمة سالافرانكا، ومنها ما أضافه شفهياً. في النص المكتوب، يعرب سالافرانكا عن قلقه من عدم اكتمال تعيين أعضاء المجلس الدستوري قبل الاستحقاق، آملاً أن يصبح فعالاً في الوقت المحدد حتى يتمكن المرشحون من تقديم اعتراضاتهم. كذلك يأسف لأنه لم يتم الأخذ بالخطوات اللازمة لإدخال أوراق الاقتراع الموحدة المطبوعة سلفاً «حيث من شأن ذلك أن يعزّز سرية عملية الاقتراع». ويضيف خلال إجابته عن السؤال أمثلة أخرى: «عدم تحديد مهلة زمنية للحملة الانتخابية، عدم حصول العناصر العسكرية والسجناء على حقهم في التصويت، عدم إنشاء سلطة انتخابية وطنية دائمة ومستقلّة». رغم ذلك، لا يبدي سالافرانكا قلقاً كبيراً على مسار العملية الانتخابية، وخصوصاً «أننا نعمل آخذين بعين الاعتبار خصوصيات لبنان»، مشيداً بإنشاء هيئة الإشراف على الحملة الانتخابية لمراقبة الإنفاق الانتخابي والإعلام والإعلان الانتخابيين.
إشادة سالافرانكا هذه تأتي بعد زيارة قام بها أمس إلى وزارة الداخلية، حيث التقى الوزير زياد بارود واطّلع منه على الترتيبات التي تقوم بها الوزارة تحضيراً للانتخابات في حضور سفير الاتحاد الأوروبي باتريك لوران. ووقّع الطرفان، في ختام الاجتماع مذكرة تفاهم تتيح للفريق الدولي الحصول على تسهيلات لعمله. وقد جال سالافرانكا في القسم المخصص لمراقبة الإعلام، «وعلمت أن لا أخطاء كبيرة ارتكبها الإعلام حتى الآن».
هذه المعلومة جاءت أيضاً في إطار الإجابة عن سؤال عما إذا كان رصد، شخصياً، انتهاكات إعلامية معينة، وخصوصاً أنه موجود في لبنان (بشكل متقطّع) منذ 18 نيسان الفائت. وأوضح رداً على سؤال آخر: «لا، لن نكتفي بالتقرير الذي تعدّه هيئة الإشراف الوطني. سيقوم 15 شخصاً من فريق عملنا بمراقبة الإعلام وخصوصاً التلفزيون والصحافة المكتوبة»، وأكد وجود تنسيق مع كل الفرق التي ستراقب الانتخابات «علماً بأننا نشكل الفريق الأكبر بينها، حيث يبلغ عدد أعضاء الفريق 100 مراقب دولي سيتوزعون على الدوائر الانتخابية الـ26».
واختصر سالافرانكا مهمة البعثة بترديد عبارة «نراقب ولا نتدخل» أكثر من مرة، موضحاً أن الهدف تعزيز العملية الديموقراطية في لبنان، «وعمل بعثتنا مستقلّ ومحايد، وهو مراقبة كل جوانب العملية الانتخابية وتقييم مدى مطابقتها للمعايير الانتخابية الدولية ومدى احترامها للقوانين المحلية». ولنجاح هذه المهمة، سيقوم الفريق الدولي بجولة على الشخصيات السياسية والحزبية والمرشحين للانتخابات، بدأها أمس بزيارة رئيس الجمهورية ميشال سليمان، وزيرَيْ الداخلية والخارجية زياد بارود وفوزي صلوخ والنائبين سعد الحريري ووليد جنبلاط. ويستكملها اليوم بزيارة العماد ميشال عون والنائب السابق عمار الموسوي (عن حزب الله). هذه المعلومة وردت أيضاً في إطار الرد على سؤال عن احتمال لقاء مع حزب الله، جاء إثر سؤال آخر عن الصعوبات التي قد تعترض الفريق في دخول مناطق معينة. فأكد أنه وُعد بالحصول على كلّ التسهيلات اللازمة لكي يكون الفريق منتشراً في الأماكن المحددة له، «وفي حال حصول أي صعوبات أو مشاكل سنعمل على تجاوزها وسنبقى على تواصل معكم».
سالافرانكا أكد أن البعثة لن تصدر أي تقرير إلا بعد انتهاء العملية الانتخابية يتضمن ملاحظاتها الأولية، تتبعه بتقرير نهائي أشمل يتضمن كلّ التوصيات للانتخابات المقبلة خلال الشهرين اللذين يليان انتهاء العملية الانتخابية، مشدداً على حيادية المراقبين وعدم رغبتهم في التدخل في الانتخابات.