ديما شريفتصادف اليوم الذكرى الواحدة والتسعين بعد المئة لمولد رجل غيّر العالم بأفكاره ومعتقداته، اسمه كارل ماركس. إذا كنتم لم تعرفوه من قبل فالأغلب أنّكم تعرفتم إليه العام الماضي بعد الأزمة المالية العالمية. أو على الأقل أصبحتم تعرفون كيف يبدو شكل الرجل، إذ انتشرت صوره على أغلفة بعض الصحف والمجلات بعدما تذكر البعض الرجل الأشيب الذي لم يحضر جنازته سوى أحد عشر شخصاً فقط.
وربما كنتم من هؤلاء الذين يقدسونه من دون قراءة أي حرف مما كتبه، كما هناك احتمال أن تكونوا من القسم الآخر الذي يراه تجسيد الشيطان بعينه، وتعتبرون استمرار أفكاره من علامات اقتراب يوم القيامة.
لكن، ربما كنتم من هؤلاء الذين يحتفظون في مكان مميز بأحد كتبه «الحمراء» التي تآكلت أطراف أوراقها الصفراء من كثرة ما استخدمت، تعيدون قراءتها كلّ فترة لتتفاجأوا للمرة الألف كم كان كاتبها محقاً.
ربما لا يهم في هذا اليوم أن نسترجع كيف كان ماركس «الديكتاتور الديموقراطي» لأنّه كان يقنع الجميع بآرائه دون أن يعرفوا كيف. كما ربما لا يهم أن نعرف أنّه كان يلثغ وأنّه كان ذا نزعة بطريكية داخل منزله، أو أنّه كان مدخناً شرهاً. كما لا يهم أن نعرف خجله الشديد وتحفظه أمام النساء أو إطلاقه العنان للسانه السليط والشتائم أمام أصدقائه المقربين. لا يهم ربما أن نعرف أنّه أصبح العدو الأوّل للعروش الأوروبية وهو في السادسة والعشرين من عمره فقط نتيجة مقالاته الصحافية اللاذعة.
لا يهم ربما أن نعرف أنّه كان يتحدى السلطات الألمانية دائماً، ما جعله زائراً مستمراً لسجونها يخرج منها ليعود في اليوم التالي بتهمة أخرى. كما لا يهم أن نعرف أنّه طبع العدد الأخير من صحيفته باللون الأحمر تحدياً، وأنّه غادر مكاتبها إثر مصادرتها من جانب السلطات بعدما زرع علماً أحمر على السطح.
ما يهم ربما هو أن نعرف أنّه طالب بعالم عادل للجميع، دون استثناء. وهذا يكفي. عيد ميلاد سعيد رفيقي.