حسن عليقانطلقت إلى الأردن، أول من أمس، بعثة من ضباط الجيش والأمن الداخلي والأمن العام، للخضوع لدورة في مجال حماية المنشآت على أيدي مدربين أميركيين. الأمر ليس غريباً. فالأجهزة الأمنية اللبنانية تتلقى دعماً من الدول المنتشرة في مشارق الأرض ومغاربها (من أوستراليا إلى الولايات المتحدة، مروراً بمعظم الدول الأوروبية). ويتنوع الدعم بين المعدات العسكرية والتجهيزات التقنية والدورات التدريبية. ولجأ بعض هذه الدول، كالولايات المتحدة مثلاً، إلى إرسال مدربين منها إلى لبنان وإعداد برنامج متكامل لتأهيل جميع مجنّدي قوى الأمن الداخلي. حتى وقوف رجل الأمن اللبناني بهندامه الرسمي عند تقاطع طرق، وأن ينفخ في الصافرة لتوقيف خط سير والسماح لآخر بالمرور، كان بحاجة إلى مدربين فرنسيين. ويمكن تلخيص واقع تمويل أحد الأجهزة الأمنية بما يأتي: الاتحاد الأوروبي وأميركا يتبرعان بتأهيل معهد الأمن الداخلي. أميركا تدرب. الإمارات العربية المتحدة تبني المخافر وتشترك مع فرنسا والسعودية بدفع ثمن السيارات والدراجات النارية. يصف أحد كبار المسؤولين الأمنيين الواقع المالي للقوى الأمنية اللبنانية بأنه «تسوّل بتسوّل».
وإضافة إلى ما ذكر، وفي استمرار لتراث استعماري قديم، ترسل القوى الأمنية والعسكرية ضباطها للتدرب في الخارج. وتختار المؤسسة المعنية الضباط الذين يتقاضون من مؤسساتهم بدلاً مالياً للسفر يراوح (حسب الرتبة والمهمة) بين 180 ألف ليرة ونحو مليون ليرة يومياً. وتتولى المؤسسات إعداد ترتيبات سفرهم بنفسها، بغياب أي تواصل بين السفارات والضباط. لكن لهذه القاعدة استثناءً هو الحصول على تأشيرة السفر الأولى إلى فرنسا أو الولايات المتحدة، حيث يضطر طالب التأشيرة لإيداع بصمات أصابعه في السفارة.
أمران آخران تمتاز بهما السفارة الأميركية. فقبل سفر الضباط اللبنانيين إلى بلاد العم سام، يقصدون السفارة الأميركية بناءً على طلبها، حيث يلتقيهم أحد موظفيها ليعطيهم صورة عامة عن التدريب الذي سيتلقّونه وعن مكان إقاماتهم وتنقلاتهم. ويضاف إلى ذلك ما جرى مع الضباط الذين انتقلوا أخيراً إلى الأردن (في دورتين حتى اليوم)، إذ أوعزت مؤسساتهم لهم بالتوجه إلى السفارة الأميركية في عوكر قبل يومين من سفرهم. وهناك، شرح لهم موظفون تفاصيل الدورة التي سيخضعون لها، ثم وعدوهم بأنهم سيتسلّمون في الأردن مبلغاً من المال... كناية عن مصروف جيب كل منهم! لكن تعاملاً من نوع آخر حصل قبل سفر ضباط لبنانيين للتدرب في الولايات المتحدة، إذ سلّمتهم السفارة الأميركية مصروف جيبهم قبل مغادرتهم الأراضي اللبنانية.