غادة دندش
مع اقتراب فصل الصيف، يلحّ علينا مجدداً السؤال عن مخاطر الإصابة بالحروق الشمسية، وقد بات من الواضح أن التنبيهات المتكرّرة عبر وسائل الإعلام لا تلقى التجاوب المطلوب من نسبة كبيرة من الأشخاص. معظمنا يجهل حقيقة المخاطر التي نتعرّض لها عندما نطيل الجلوس في الشمس خلال «الساعات الممنوعة». هذا الأمر لا يقتصر على الوقت الذي نقضيه على شاطئ البحر، بل يتعدّاه إلى الأوقات التي نجلس فيها في المقاهي المفتوحة ونمتّع أنفسنا بدفء الشمس، ولا نتفاداها إلا حين نشعر بارتفاع حرارة جلدنا وبضيق ما بسببها. عندها يكون الأوان قد فات في معظم الأحيان، وتكون المناطق التي تعرّضت للشمس قد أصيبت بحروق تتفاوت درجة خطورتها وفقاً لعوامل مختلفة.
إن الحروق الشمسية تبدأ باحمرار بسيط، وتنتهي بتشقّق الطبقة الجلدية الذي يترافق في الحالات الخطيرة مع ارتفاع درجة حرارة الجسم والارتعاش والأرق والألم الشديد. هذه الحروق تطال الجلد في عمقه وتؤدي إلى شيخوخته مبكراً. من المفيد معرفة أن الإشعاعات التي تنطلق من الشمس ثلاثة هي الـ UVA و UVB و UVC. تتولّى طبقة الأوزون أمر الفئة الأخيرة، فتمتصّها ولا تسمح لها بالوصول إلى الأرض، أما فئة أشعة UVA فيصل 95% منها إلى الأرض، وأشعة UVB يلامس 10% منها سطح الأرض. إن الحرارة المنبعثة من هذين النوعين كافية لإحداث حروق خطيرة جدّاً، والتسبب بأمراض تمثّل خطراً حقيقياً على حياة الإنسان، لا سيّما الأطفال والحوامل، كما أن تكرار الإصابة بالحروق الشمسية قد يؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بسرطان الجلد، وهو من السرطانات القابلة للانتشار والتحوّل في بعض المراحل إلى سرطانات أخرى. يختلف نوع الجلد من شخص إلى آخر، وتختلف معه نسبة الاستعداد للإصابة بحروق خطيرة والوقت الضروري للإصابة. لكن، حتى أولئك الذين لا يصابون بحروق سريعة ليسوا بمنأى عن الشيخوخة المبكرة واحتمال الإصابة بسرطان الجلد. وقد أكّد الاختصاصيون أن العلاقة بين التعرّض لأشعة الشمس المفرط وارتفاع عدد الإصابات بسرطان الجلد هي علاقة أكيدة ومثبتة. وتساهم المراهم والمواد المعتمدة للحماية من أشعة الشمس بمنع الحروق بنسبة معيّنة. ينفي أطباء الجلد وجود مرهم يقي كلياً من مخاطر الإصابة بالحروق. إن أشعة الشمس ضرورية ومفيدة للإنسان في تقوية بنيته العظمية، لا سيّما خلال فترة النمو. كما أظهرت دراسة قامت بها مجموعة من العلماء في السويد أنها تساهم بنسبة 30% في خفض احتمال الإصابة بالجلطات الدموية لدى النساء حتى المدخّنات منهن. إن فوائد التعرّض لأشعة الشمس مشروطة بحسن التعاطي معها عبر الالتزام بالأوقات المحددة. لذلك يجب تفادي التعرّض لها في الفترة الممتدّة بين العاشرة صباحاً والرابعة من بعد الظهر. كما يجب استخدام المراهم الواقية الطبّية تكراراً (كل نصف ساعة خلال الجلوس على الشاطئ). ومن الضروري في حال البقاء على الشاطئ خلال الساعات الممنوعة ارتداء القبعات والنظارات الشمسية والجلوس في الظلّ ومحاولة ارتداء ما يحمي الذراعين والساقين. كما يؤكّد الاختصاصيون ضرورة تناول كمّية مضاعفة من الماء خلال التعرّض لأشعة الشمس. وينبّه هؤلاء من عدم انتظار الشعور بالظمأ للقيام بذلك. هذه الأمور يجب مراعاتها، لا سيّما مع الأطفال الذين لا يستطيعون العناية بأنفسهم إن من حيث تكرار دهن المراهم الواقية أو حملهم على شرب الماء تكراراً. هذه التوصيات العالمية القديمة الجديدة ضرورية لحماية الكبار والصغار، لأن ما يُعرف بـ «ضربة الشمس» قد يؤدّي إلى الوفاة في الكثير من الأحيان، لا سيّما بين الأطفال وكبار السنّ.