حاول المعرض المهني التوجيهي الذي عُقد في المدرسة الفندقية في الدكوانة عرض صورة إيجابية عن التعليم المهني. لهذا الغرض، وجّه القيّمون دعوة إلى تلامذة العديد من المدارس، لكنّ قلة منهم لبّوا الدعوة، واستفادوا من المختصين بإجابات ردّت على تساؤلاتهم عن كل ما يتعلق بالتعليم المهني
سمية علي
«لا أعرف شيئاً عن التعليم المهني». عبارة ترددت على ألسنة طلاب المدارس وهم يقفون على بوابة المدرسة الفندقية، قبل دخولهم إلى المعرض الذي مثّل موسوعة مهنية بامتياز. وقفت جويا معلوف مع صديقاتها أمام عدد من اللوحات الفنية المعلقة على جدران قسم اختصاص التجميل الداخلي. أبدت إعجابها باللوحات وبالاختصاص، لكنها أسرّت لصديقتها: «والدي لن يسمح لي بترك المدرسة والدخول إلى المهنية، لأن طلابها فاشلون». عند سماعها ذلك التعليق بالصدفة، اقتربت المسؤولة عن القسم وأخبرت الزائرين أن هذه اللوحات رسمت بريشة طلاب موهوبين اختاروا اختصاصهم نتيجة اقتناعهم به، لا نتيجة الفشل».
«ميكانيك الطيران». جذبت هذه اللافتة انتباه عدد كبير من الطلاب. في الداخل مجسمات كبيرة لعدد من الطائرات صنعها طلاب المدرسة الفندقية بأنفسهم، يقف بقربها أساتذة القسم شارحين للزوار كيفية تفكيك محرك الطائرة، ومن ثم تركيبه من جديد، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى عن الاختصاص، بدءاً من عدد سنوات الدراسة والبرامج وفرص العمل المتاحة بعد التخرج. بعد انتهاء جولته في هذا القسم، خرج شربل عطا الله مصرِّحاً بأنها المرة الأولى التي يتعرف فيها إلى أجزاء الطائرة وطرق تصنيعها عن كثب، مشيراً إلى أنه كان ينوي التخصص في مجال هندسة الديكور، لكنه غير رأيه الآن بعدما بهره اختصاص ميكانيك الطيران وبعدما اكتشف مميزاته وحاجة سوق العمل إلى اختصاصييه.
كان للزوار وقفة في قسم الهندسة الزراعية الذي «يمكّن الطالب من التعرف إلى أنواع التربة والأسمدة» كما أشارت مسؤولة القسم، قبل أن تقاطعها إحدى الطالبات سائلة عن الفارق بين من يتعلم هذا الاختصاص في المهنية ومن يتعلمه في الجامعة، فأجابتها بأن المهنية تسمح للطالب بالتخصص في المجال وبتنمية مهاراته العملية باكراً. بعد استماعها إلى هذا الشرح، اعترفت الطالبة بعدم صوابية الصورة التي كانت قد كوّنتها عن ضعف مستوى القطاع المهني، لتردف ممازحة: «الإنسان عدو ما يجهل»، مؤكدة أنها لن تختار إلا التعليم المهني لاحقاً.
في مكان آخر، ازدحم قسم ميكانيك السيارات بالزوار. وفيما تدافعت الفتيات لركوب الدراجة النارية التي جمع تلاميذ القسم أجزاءها، طلب المسؤول من الزائرين التوجه إلى الناحية الأخرى لإطلاعهم على تفاصيل هذا الاختصاص، معلقاً بقوله: «مع إنو منو للبنات»، لتجيبه إحداهن، ريتا عبد الله، بأنها ستتخصص في مجال ميكانيك السيارات لأن المشغل قد أعجبها، وأيضاً «لأنو أصلاً ما في شي صعب على البنات!». رافق إيلي خليفة، المسؤول عن المعرض، الطلاب في جولتهم. أبدى ارتياحه لردود فعلهم، قبل أن يتحدث عن هدف إقامة هذا النوع من المعارض: «جذب أكبر عدد ممكن من الطلاب باتجاه التعليم المهني. فغياب التوجيه قد أدى إلى تهميش هذا القطاع وجعله ملجأً لمن لم يناسبه الطقس الأكاديمي»، في إشارة منه إلى إهمال القطاع المهني من وزراء التربية والتعليم الذين يصبّون اهتمامهم باتجاه التعليم الجامعي والأكاديمي. يأتي المعرض، في هذا السياق، بمثابة محاولة لتعزيز القطاع المهني. محاولة تحتاج إلى الكثير من الإصرار لتبلغ هدفها، إذ لم تلبِّ أمس سوى بعض المدارس الدعوات الكثيرة التي وجهت إليها لزيارة المعرض، لسبب يعزوه خليفة إلى «أن مديري المدارس يرفضون تضييع وقت الطلاب، وخصوصاً أن الإدارة تسعى إلى إنهاء البرامج قبل نهاية العام الدراسي».


اختصاصات المهني للذكور فقط؟

بعد جولتها في المعرض، أبدت الطالبة ماريا سلامة إعجابها بقسم التجميل الداخلي. فهي تحب الرسم وتعدّه هوايتها المفضلة، إلا أنه «لا يصلح لأن يكون اختصاصها المستقبلي»، كما ترى. أما بالنسبة إلى الأقسام الأخرى، فلم تلفت انتباه الطالبة التي عبّرت عن رأيها بصراحة: «لا أحب التعليم المهني فبرأييي الاختصاصات المهنية تناسب الذكور أكثر من الفتيات، وخصوصاً ميكانيك السيارات والطيران». كذلك، ترى ماريا أن ما يقوله المشرفون في المعرض عن وجود عدد كبير من فرص العمل للطلاب المهنيين ليس دقيقاً، فالطالب الجامعي هو المفضل دائماً عند أرباب العمل في المؤسسات»، معلنة رغبتها في التخصص في مجال الإعلام بعد تخرجها من المدرسة، لأنه الاختصاص الأكثر ملاءمة لشخصيتها.