أحمد محسنلم يكن وزير الداخلية والبلديات، المحامي زياد بارود، أكثر غضباً مما كان عليه أمس، منذ توليه منصبه في الحكومة. بدت معالم الاستياء واضحةً عليه في المؤتمر الصحفي الذي عقده في وزارة الداخلية لشرح ملابسات الأمر الذي حصل صباحاً، حين وقعت زحمة سير خانقة على طريق جونية ـــــ بيروت، بسبب حفرة في وسط الطريق. أكثر من 200 ألف مواطن علقوا في الزحمة لنحو أربع ساعات. في المؤتمر الصحافي، أوضح الوزير أن الهدف من حديثه الإعلامي ليس التبرير، بقدر ما هو دعوة إلى محاسبة المسؤول عن تردي وضع السير. كان بديهياً أن تتوجه أصابع الاتهام في حالة أمس إلى قوى الأمن الداخلي، المكلفة تنظيم حركة السير، إلا أن بارود، في خطوة لم يعتدها اللبنانيون، خرج ليتحدث إلى الناس كأنه واحد منهم، رافضاً أن يكون التعبير عن رفض الإهمال مقتصراً على الكلام الإعلامي، فأعلن أن «قوى الأمن الداخلي لم تكن على علمٍ مسبق بحركة الأشغال في المنطقة، وأن الإذن المعطى من محافظ بيروت للمتعهد ينتهي ظهر السبت الفائت». وشدد الوزير في الكتاب الذي وجهه إلى مجلس الإنماء والإعمار وكهرباء لبنان على «ضرورة محاسبة المتعهد على إهماله وعدم التزامه بمهل التنفيذ وبالشروط الفنية».
وحتى لا تُحمَّل القوى الأمنية ما هو خارج مسؤولياتها، ذكر وزير الداخلية أن عديد مفارز السير هو 600 عنصر، (من المفترض أن يرتفع العدد إلى 1650)، علماً بأن تقديرات المؤسسة الأمنية تشير إلى أنّ حاجتها تبلغ 3000 عنصر في حد أدنى. «خطأ اليوم غير مبرر»، أعاد بارود التذكير، داعياً إلى إنشاء هيئة تنسيق على مستوى الوزارات، لتفادي الأخطاء المشابهة، مرحباً بأي نوع من المساءلة داخل المؤسسات العامة. وفي ختام كلمته، تكلم بارود عن مجموعة اقتراحات، لمحاولة إصلاح الأزمة «التي كان يجب أن تكون منتهية من 40 عاماً». تمنى على المعنيين إيقاف جميع عمليات الحفر قبل 7 حزيران، مستغرباً «همة المشاريع التي دبت الآن»، مطالباً بإيجاد مرجعية واحدة لضبط حركة الطرقات، كي يتسنى للقوى الأمنية التنسيق معها. ولم يسلم المرشحون للانتخابات من غضب الوزير، فتمنى عليهم أن يلحظوا في مشاريعهم قضية السير، بما أنها لا تقل أهمية عن الأفكار الأخرى. «الدولة حقوق، أو هكذا يجب أن تكون، على المواطنين أن يحاسبوهم في شورى الدولة وفي القضاء». رأى في ما حدث أمس مناسبةً لتشجيع المواطنين، رغم الآليات المعقدة لبنانياً بفعل «التراكمات».
أعطى الوزير بارود الجهات المسؤولة مهلة حتى الأربعاء، لتوضيح ما حدث أمس من المسؤولين عن حدوثه، وإلا فسيطرح الموضوع على مجلس الوزراء: «هذه الأشياء تتكرر بسبب عدم وجود المحاسبة»، ختم الوزير حديثه.