عادت أصداء الرصاص لتسرح في الشمال. تجدد العراك أول من أمس بين مناصرين لتيار المستقبل في منطقة المنكوبين، وآخرين يناصرون الحزب الديموقراطي العربي في جبل محسن. أما الحصيلة، فجريحين
طرابلس ــ عبد الكافي الصمد
أرخت الحادثة التي وقعت مساء أول من أمس، جوّاً من القلق والخوف من عودة أجواء التوتر إلى سابق عهدها في طرابلس، وخاصةً أن العراك تطوّر إلى إطلاق نار، كما أنه كان بين طرفي نزاع سابق: مواطنين يسكنون بعل محسن، وآخرين من منطقة المنكوبين في طرابلس.
وقد أفاد شهود عيان «الأخبار»، أن الإشكال كله يتمحور حول خلفية نزاع على تعليق صور مرشحين للانتخابات النيابية، لكنه أسفر عن سقوط جريحين. أمّا عن أهالي المنطقتين الشماليتين، فقد تركت الحادثة آثاراً واضحة على انطباعاتهم، كان الخوف أبرزها. وخلال حديثه عن الأمر، أكد أحد سكان الشمال، أن «الحادثة تعدّ الأولى بهذا الحجم، منذ توقيع مصالحة طرابلس»، التي أُقرّت في أيلول الماضي برعاية مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار. ولعل أبرز ما تؤشر إليه الحادثة، أن انفلات الأوضاع الأمنية قابل الظهور مجدداً، قبل أسابيع قليلة، من موعد الانتخابات النيابية، وما يرافقها من أجواء مشحونة. ولا بد من الإشارة، إلى أن الحوادث السابقة، اقتصرت على رمي قنابل يدوية وإطلاق رصاص في شارع سوريا الفاصل بين منطقتي باب التبانة وجبل محسن، ولم تؤدّ إلى سقوط جرحى أو وقوع ضحايا كما حصل أول من أمس.
إلا أن التشابه كان ذاته، من ناحية رواية الأحداث. إذ إنه، وكالعادة، تضاربت الروايات بشأن الحادثة بين الطرفين. فقد أوضح مصدر في الحزب العربي الديموقراطي «الأخبار» أن «مناصرينا كانوا يرفعون صوراً لمسؤول العلاقات السياسية في الحزب، المرشح رفعت عيد، في محلة المشارقة التي تقع على تخوم منطقة جبل محسن لناحية منطقة المنكوبين، إلا أن آخرين من مناصري نائب طرابلسي وموالين لتيار المستقبل، طلبوا من مناصرينا عدم رفع الصور، وعندما استفسروا منهم عن السبب انهالوا عليهم بالشتائم، ورموهم بالحجارة وضربوهم بالعصي، قبل استخدام السكاكين وإطلاق النار باتجاههم»، مؤكداً أن وضع الجريحين الصحي حرج للغاية، فالأول أسامة ض. تعرّض لإصابة في منطقة حساسة، بينما أصيب خضر ك. بخمس طعنات «وصل بعضها إلى كليته». ووفقاً لما يؤكده مسؤول في الحزب العربي الديموقراطي، فإن حزبه وضع الموضوع في عهدة الأجهزة الأمنية، «لكن إذا لم يوقَف المعتدون فسنتصرف»، لافتاً إلى أن مناصري الحزب يضعطون على قيادته لعدم السكوت على ما يحصل من اعتداءات تتكرر يومياً، سائلاً: «هل بات ممنوعاً علينا رفع صور مرشحينا في مناطقنا؟». وفي سياق مواز، أعرب عضو المكتب السياسي في الحزب، عبد اللطيف صالح، عن أمله في أن «تلقي القوى الأمنية القبض على مفتعلي الحادث»، مؤكداً «العمل على تهدئة الأمور».
في المقلب الآخر، تحدث مسؤول في تيار المستقبل لـ«الأخبار» عن رواية مختلفة تماماً، إذ أشار إلى أن «مناصرين لرفعت عيد أرادوا نزع صورة للرئيس الشهيد رفيق الحريري، كان مناصرون لنا قد رفعوها على واجهة بناية سبق أن تعرضت لحرائق وأضرار كبيرة بسبب أحداث العام الماضي في المنطقة ذاتها، وعندما اعترض مناصرونا ومواطنون على تصرفهم، حصل بينهم تلاسن تطوّر إلى تضارب بالعصيّ والحجارة والسكاكين»، كاشفاً أن أحد مناصري «المستقبل» أصيب بجروح بالغة نتيجة ذلك، «قبل أن يعقبه إطلاق كثيف للنار من جانب مسلحي جبل محسن باتجاه منازل وسيارات المواطنين في المنكوبين، حيث تضرّرت العشرات منها». وفي مقابل ذلك تحدث شهود عيان عن أن الأمر بدأ بتلاسن بين مواطنين يحملون صورة المرشح رفعت عيد، وآخرين يحملون صورة النائب سمير الجسر، قبل أن يتطور لاحقاً.
أما عن تحقيقات القوى الأمنية، فقد أوضح مسؤول أمني «الأخبار»، أن القوى الأمنية «أوقفت 4 أشخاص يشتبه في تورطهم في الحادثة، وباشرت التحقيق معهم».