نظّم مجلس طلاب الفرع الأوّل في كليّة العلوم معرضاً لفرص العمل، هو الأول من نوعه في مجمّع الحدث الجامعي، استقطب آلاف الطلاب الذين تنوّعت انطباعاتهم حول مجالات التوظيف المتاحة بين متفائلٍ ومتشائم، ولكلٍِّ منهم أسبابه
محمد محسن
تدخل ميرنا سبيتي أحد أجنحة «معرض التوجيه وفرص العمل»، في ساحة درب الشمس داخل مجمع الحدث الجامعي، وهي تتأبط ملفاً متخماً بنسخٍ عن سيرتها الذاتيّة. في جناح أحد المصارف المالية، يبدو سؤال طالبةٍ تنهي عامها الثالث في فرع الكيمياء، عن وظيفة شاغرة في البنك، مستغرباً.
لم تكن ميرنا حالة استثنائية، فقد حذا حذوها الكثير من الطلاب الباحثين عن فرصة عمل... أي فرصة عمل.
فقد زار طلاب الجامعة اللبنانية مختلف الأجنحة من دون هدفٍ محدّد، ونصب أعينهم هاجس وحيد هو إيجاد وظيفة، بصرف النظر عما إذا كانت تناسب اختصاصهم.
خلال اليوم الأول، زار المعرض نحو 5000 طالب. رقم يتوقع المنظمون أن يصل إلى 10000 طالب سيفدون من جامعات أخرى، قبل إسدال الستارة عصر اليوم على آخر نشاطات المعرض الذي توزعت أجنحته الخمسة والخمسون على مساحة تجاوزت الألف متر مربّع. في كل جناح، يقف مندوب أو أكثر، الأول يشرح للزائرين طبيعة العمل وما تطلبه، ويتكفّل الثاني تعبئة الاستمارات أو تسلم السير الذاتية.
اختتمت الطالبة سهام فلدان نقاشها مع مندوب إحدى الشركات، على وعدٍ أطلقه باسم شركته، بتوفير منح مجانية للطلاب لمتابعة دراستهم في روسيا، ما استنكرته قائلة: «صارلي أربع سنين باللبنانية حتى سافر ع روسيا؟!».
يسهل الانتباه إلى نوعية الطلاب الذين تستهدفهم الشركات، حين تعبر من جناحٍ إلى آخر، من خلال طريقة تعامل ممثليها معهم ومع سيرهم الذاتية، إذ تتضح أهميّة طلاب السنوات الثالثة والماستر 1 بالنسبة إليهم، فيما يدرك طلاب السنتين الأولى والثانية أن حظهم من المعرض سيكون أوفر خلال السنوات المقبلة.
على الرغم من ذلك، تنتشر شائعة عن «أن الشركات تهدف إلى الترويج لنفسها فحسب، وهم يرمون الـ CV التي نقدّمها»، تقول إحدى الطالبات، التي سرعان ما تسمع ردّاً من مندوبة إحدى الشركات «هذه فكرة مغلوطة»، مشيرةً إلى أنّها قد توظّفت في شركتها من طريق معرضٍ كالذي تشارك فيه حالياً بصفة مندوبة، فيما تدافع مندوبة أخرى أمام طلاب يؤكّدون «قلة فرص العمل المناسبة في الشركات»، بأنّ الشركات، لا تستطيع توفير جميع ما يطلبه الجامعيّون.
ينتقل هذا النقاش الدائر بين المندوبين والطلاب إلى الطلاب في ما بينهم. فبين متفائلٍ ومتشائم وضامنٍ لمستقبله المهني، تتفاوت الآراء في المعرض، وتجتمع على التنويه بالتنظيم الذي نفذه مجلس طلاب الفرع.
يخرج محمد العنّان كتيّبَ المعرض، يتصفحّه بسرعة، يبدي إعجابه، يتذمّر من فكرة تنظيمه تحت شمس أيّار، لكنّه يستدرك: «هيدي إمكانات مجلس العلوم، ما معو ثمن قاعات يستأجرها». بدورها، تميّز الطالبة صفاء سعيدي بين هذا المعرض والنشاطات السياسية «غير المفيدة»، مشيرة إلى أنه «بغض النظر عن حجمه، يظل أفضل من السياسة لأنه جمع الطلاب». لا يروق هذا الكلام طالباً رفض الكشف عن اسمه، لأنه يرى أن طبيعة سوق العمل في لبنان تقوم على المحسوبيات والعلاقات الحزبيّة، معلناً بصراحة، ككثيرين غيره، اتكّاله على تنظيمه السياسي في توفير عملٍ عبر شبكة العلاقات الواسعة التي يملكها، كغيره من التنظيمات.
خلال أربعة أشهرٍ تخللتها اتصالات وزيارات إلى عددٍ كبير من الشركات، فوجئ المنظّمون بجهل بعض القيّمين على الشركات، أو ممثليها، بوجود مجمّع للجامعة اللبنانية في الحدت، فيما ظنّت بعض السكرتيرات أنّه معهد فني.
يشير علي عيسى، رئيس مجلس طلاب الفرع الأول في كلية العلوم، إلى أن «المعرض يموّل نفسه بنفسه»، وقد بلغت تكاليفه نحو ثلاثين ألف دولار، «استطعنا توفير 20 ألفاً منها ونسعى لسداد المبلغ الباقي، عبر إسهام الشركات الموجودة في المعرض».
يحفل اليوم الأخير من المعرض، الذي يختتم عند الساعة السادسة من مساء اليوم، بفعاليات متنوعة يتخللها لقاء يعقده الزميل إبراهيم الأمين مع الطلاب يتناول عناوين وقضايا سياسية راهنة، في تمام الساعة الواحدة ظهراً في قاعة أنكس 7، بكلية العلوم، الطابق الثاني.


أبدى طالب علوم الحياة حسن إسماعيل استغرابه ندرة الشركات التي تعنى باختصاصه، إذ لاحظ أنّ معظم الأجنحة تميل في توظيفاتها إلى طلاب الاختصاصات الاقتصاديّة، ورأى أن لا مكان لطلاب المواد العلمية: الرياضيات والبيولوجيا والفيزياء.


رأت الطالبة مارسيل غبار أن هذا المعرض جيد جداً، وخصوصاً أنه مثّل فرصةً لجمع الطلاب من مختلف الكليّات، إضافةً إلى كونه تجربةً تستحقها الجامعة اللبنانية وطلابها، مشيرة إلى أنّه قد آن للجامعة اللبنانية أن تعود إلى دورها المحوري بين الطلاب.


لقطة
مع فستق أطيب


إلى جانب حضور الندوات الحوارية والتوضيحية التي عقدت على هامش المعرض، استمتع بعض الطلاب بالاستفسار عن المعايير الوظيفية وهم يتناولون الفستق والكاجو. إذ تحلقوا في جناح المكسرات حول المندوب الذي عرض لهم الشهادات المطلوبة للعمل في الشركة، وهي الكيمياء والصحّة والتغذية.