راجانا حميّةتخلّف السياسيّون والمرشّحون للانتخابات النيابية عن حفل إطلاق تقرير منظمة العفو الدوليّة عن «أجندة لحقوق الإنسان خاصة بالانتخابات»، لكنّ ممثلي أحزابهم «كفّوا ووفّوا» في الدفاع عن طروحاتهم وبرامجهم الانتخابية التي لم تكن «توب» في ما يخص حقوق الإنسان، باعتراف المنظمة والمركز اللبناني للدراسات المشارك في إعداد التقرير.
وعلى الرغم من أن جلسة الممثّلين «كانت كتير مهضومة»، كما علقت ساخرة نائبة مدير المركز اللبناني، زينة الحلو، إلا أن انقسامهم بهذه الطريقة بدا منظماً، حيث جلس الاشتراكي والقواتي في مواجهة القومي وممثلي حركة أمل وحزب الله. وفضلاً عن التزامهم الجلوس بحسب انتمائهم، فقد أبدوا التزاماً بمناقشة بنود التقرير التي تمحورت حول خمسة منها (راجع «الأخبار» 818) بحسب هذا الانتماء. فالبند الثالث المتعلّق «بوضع حدٍّ لإفلات مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من العقاب»، ولا سيّما المتعلّقة بحقوق 400 ألف فلسطيني يعيشون في المخيمات، نال الجزء الأكبر من النقاش واختلاف الرؤية. فادي ظريفي «محامي وممثل القوات اللبنانيّة»، انتقد «المغالاة في جعل الفلسطيني أكثر إنسان منتهكة حقوقه». ثم يستفيض في شرح معاناة القواتي «الأكثر تضرراً في ما يخصّ موضوع حقوق الإنسان». هذه المعاناة يقابلها، بحسب ظريفي، «تجنٍّ كبير، وخصوصاً عندما نقول إن الفلسطيني مظلوم، وإن هناك حقوقاً كثيرة سلبناه إياها»، داعياً المعنيين برصد الانتهاكات «وغير الانتهاكات» إلى «التبيان المظبوط لما يتمتع به هذا الفلسطيني من حقوق». مداخلة ظريفي استوجبت ردّاً من «ممثّل حركة أمل» حسين غربيّة، الذي علّق قائلاً: «إذا حكينا بالسياسة بنختلف، خلينا نحكي عن الحقوق والظلم تحديداً، كل إنسان في لبنان انظلم: الفلسطيني وابن حركة أمل والكل». لم يقف الانقسام هنا، فقد عاد إلى الواجهة مع مناقشة البند المتعلّق بإصلاح النظام القضائي «الذي تبيّن فيه بعض الثغرات في شأن استقلاليّته وحياديّته»، بحسب ما ورد في التقرير. وقد برّر ظريفي هذه «اللاحياديّة» بفترة «تسلّط الجهاز الأمني ما قبل 2005 على القضاء، لكن بعد 2005، يمكن القول إنه عاد القضاء مبدئياً حراً على أساس أن من حفر حفرة لأخيه، واللي حب يكون في مادة التوقيف الاحتياطي 108 هو أول من وقع فيها». ردّ آخر من الطرف المقابل، فما كان من الصحافي قاسم قصير سوى القول «ماذا يسمى حجز الحرية للضباط الأربعة بعد 2005؟ والجواب هو انتهاك».
ولئن كانت البنود الأخرى المتعلّقة بالاعتقال التعسّفي والتعذيب ووضع حدّ للتمييز ضد المرأة وإلغاء عقوبة الإعدام، نالت كمّاً من التعليقات، إلا أنّها كانت أخف وطأة من البندين السابقين، مع المحافظة على صيغة معينة في نقاش 8 و14 آذار وبعض «المستقلين» من مؤسسات المجتمع الأهلي. هذا «الحماس» الذي أبداه الحزبيون الحاضرون استدعى تدخلاً من عضو الجمعية اللبنانية من أجل مراقبة الانتخابات جيلبير ضومط. وضع ضومط الإصبع على الجرح، حيث توجّه إلى الحزبيين المتحلّقين حول الطاولة بسؤالٍ واحد اختصر كل هذه السجالات: «إلى أي مدى مرشّحوكم مستعدّون لتبني البنود الخمسة التي تضمّنها التقرير في حملاتهم الانتخابية؟». المضحك أنّ الجواب عن هذا السؤال جاء من مفوض العدل في الحزب الاشتراكي وليد صفير الذي توجه إلى ضومط بسؤالٍ آخر: «طيب إنتو المجتمع المدني رح تنتخبوا؟ وعلى أي أساس رح تنتخبوا؟».
وبعيداً عن كلّ هذا، انتقد عدد من المشاركين وجود بعض الثغرات في التقرير، لا سيّما غياب انتهاكاتٍ «فاضحة» حصلت مؤخّراً ومنها مجزرة حلبا. أما الأهم، فهو الغياب الآخر للصراعات المذهبية والطائفية التي يعيشها لبنان منذ أكثر من أربع سنوات. وهي نقطة كفيلة بأن تملأ وحدها تقريراً


الخطة المستقبلية

خرج ممثّل الجمعية اللبنانية لديموقراطية الانتخابات عمار عبّود عن جو «8 و14 آذار» الذي سيطر لفترة على الاجتماع. فقد استعرض ملخّصاً لحقوق الإنسان في صلب الحملات الانتخابيّة، «التي نتابعها 7 أيّام بالأسبوع». ومن خلال متابعته تلك، وجد عبود أنّ ما يمكن تسجيله هو الغياب شبه التام للنقاش الحقوقي والتقني في تلك الحملات. هذا الغياب كان موضوع خطّة العمل المستقبليّة للمركز اللبناني ومنظمة العفو الدولية التي ستعمل على عقد جلسات أخرى لمتابعة موضوع الحقوق بعد الانتخابات. وهذه الجلسات مخصصة لطرح آلية عمل مدتها 4 سنوات، يُرصَد من خلالها الأداء البرلماني في ما يخص حقوق الإنسان.