استضاف بيت الأمم المتحدة في وسط بيروت، أمس، عدداً من المسؤولين الرسميين في وزارتي الداخلية والعدل، بغية التشاور مع جمعيات حقوقية دولية ومحلية، في كيفية تطبيق البروتوكول الاختياري لاتفاقية منع التعذيب
أحمد محسن
تحول التعذيب إلى حدثٍ أممي أمس، هنا في لبنان. إذ استضاف بيت الأمم المتحدة في بيروت أكثر من جهة رسمية لبنانية، معنية بمراقبة هذه الأمور، إضافة إلى عدد من الجمعيات الأهلية. وكان لافتاً في اللقاء التشاوري، حضور المدير العام لوزارة العدل، القاضي عمر الناطور، إضافة إلى رئيس سرية السجون، العميد إلياس سعادة، إلى جانب ممثلين لجمعيات حقوقية محلية ودولية. وتميز لقاء أمس بحضور ممثلين عن المؤسستين الأمنيتين، الأمن العام، والجيش اللبناني. وتخللت الافتتاح كلمات للمشاركين، قبل أن تنطلق جولة من النقاشات، تمحورت حول جدية التزام لبنان بإنشاء آلية وقاية من التعذيب، علماً بأن حكومته وقّعت على اتفاقية مناهضة التعذيب، والبروتوكول الاختياري التابع لها.
والتقت «الأخبار» أحد المسؤولين في الأمم المتحدة، على هامش اللقاء، الذي أكد أن اللقاء اتسم بالجدية المطلوبة، على أن تتبعه مجموعة جلسات لاحقة، من شأنها أن تؤدي إلى آلية واضحة، تحدد كيفية مراقبة حصول حالات مشابهة في السجون، وسائر الأماكن الأخرى التي تحتجز الحرية فيها، كالنظارات والمخافر. وتوقع المسؤول المذكور أن تساعد الأمم المتحدة في تطوير المسودة التي طرحت أمس، والتي تضمن بعض الخطوات المطلوبة، التي يمكن الجهات الرسمية اللبنانية الإفادة منها، لبلورة مشروع قانون في مجلس النواب اللبناني، يؤدي إلى تفعيل دور لبنان من مجرد موقّع على البروتوكول الاختياري، إلى مراقب دوري للسجون، ولا سيما أن رئيس لجنة حقوق الإنسان النيابية، النائب ميشال موسى، كان حاضراً في اللقاء. وفي سياق متصل، كان تقرير منظمة «هيومن رايتس واتش» المتابعة لحقوق الإنسان، قد تطرق إلى مسألة التعذيب في مؤتمره الصحافي عن الانتخابات النيابية، فدعت المنظمة الحكومة اللبنانية، في بيانها الختامي، إلى تعديل المادة 401 من القانون الجزائي، بحيث تجرّم كل أشكال التعذيب والمعاملة السيئة، بما في ذلك التعذيب النفسي، وبالتالي زيادة العقوبة على جرائم التعذيب من الحد الأقصى الحالي البالغ 3 سنوات، ليصبح متناسباً مع مقدار جسامة الجريمة. وبالطبع، لم يفت المنظمة الإنسانية، أن تذكّر الدولة بالالتزام بالمادة 22 من اتفاقية مناهضة التعذيب، التي من شأنها، أن تتيح للأفراد في لبنان تقديم الشكاوى المتعلقة بالتعذيب، مباشرةً إلى لجنة الأمم المتحدة التي تعنى في الموضوع. وفي الحديث عن المادة المذكورة، فإنها تجيز لأية دولة طرف في هذه الاتفاقية أن تعلن في أي وقت أنها تعترف بمقتضى هذه المادة باختصاص اللجنة في تسلم ودراسة بلاغات واردة من أفراد أو نيابة عن أفراد يخضعون لولايتها القانونية ويدّعون أنهم ضحايا لانتهاك دولة طرف في أحكام الاتفاقية، كذلك لا يجوز للجنة أن تتسلم أي بلاغ إذا كان يتصل بدولة طرف في الاتفاقية، لم تصدر مثل هذا الإعلان، ما يعني أن ضحايا التعذيب الذي مارسته إسرائيل وعملاؤها بحق المعتقلين اللبنانيين حين كان الجنوب خاضعاً للاحتلال الإسرائيلي، قادرون على استجواب إسرائيل، بما أن إسرائيل موقّعة على هذه الاتفاقية، وقد استجوب خبراء في حقوق الإنسان تابعون للأمم المتحدة مسؤولين إسرائيليين سابقاً، بعد اتهامات لقوات الاحتلال بتعذيب مئات المعتقلين الفلسطينيين في السنوات الأخيرة، وطالبتهم لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة والمؤلفة من عشرة خبراء مستقلين بضرورة السماح للجنة من الصليب الأحمر الدولي بالدخول إلى منشأة اعتقال واستجواب سرية كاملة تعرف باسم «المنشأة 1391».
أما بالنسبة إلى البروتوكول الاختياري الذي مثّل الحدث الأبرز في اللقاء، من ناحية ضرورة إعداد آلية وطنية وقانونية لضمان التزام لبنان فيه، فالأخير، وُضع أساساً بغرض إنشاء آلية دولية ومحلية منظمة لمنع التعذيب، عبر تنظيم زيارات من لجنة أممية لتقويم الأوضاع والممارسات في أماكن الاحتجاز التي تشهد تعذيباً ومعاملة سيئة على نحو متكرر، كمراكز الشرطة والسجون، وهو ما تمحورت حوله النقاشات الأمس، بحثاً عن آلية فعلية لتطبيقه. وتجدر الإشارة إلى أن المادة الـ33 من هذا البروتوكول تتيح لأية دولة طرف أن تنقض هذا البروتوكول في أي وقت، بمقتضى إخطار كتابي توجهه إلى الأمين العام للأمم المتحدة.


لا نشرات عن حقوق الإنسان

أعلن المدير العام لقوى الأمن الداخلي أشرف ريفي (الصورة) قبل عام (في 15 آذار 2008) أن المديرية ستضع لوحات بارزة، تعلّق في المخافر، تكتب عليها الإجراءات القانونية التي يمكن الموقوف أن يلجأ إليها في حال تعرضه للتعذيب، وكان ذلك في مناسبة استحداث قسم لحقوق الإنسان في المفتشية العامة لقوى الأمن، حين اجتمع ريفي بممثلين عن منظمات إنسانية. وقال رئيس قسم حقوق الإنسان حينها، العميد ناجي ملاعب، إنه بصدد إنشاء شبكة معلومات وإصدار نشرات حقوق الإنسان شهرياً. علقت اللوحات (رغم أنها ليست كافية)، لكن لا نشرات صدرت حتى اليوم.