رنا حايكيتعرّض المثليون في المجتمعات العربية للتمييز. لكنهم ليسوا الوحيدين الذين يحظون بذلك الشرف. فكذلك، يتعرض له كل من هو مختلف عن سياق عام اعتباطي تحدّده أهواء تعيش حالات فصام ونكران استنسابية وغير واقعية.
الفتاة التي تقرّر فقدان عذريتها قبل الزواج تتعرّض للتمييز لأنها تنأى عن «سياق عام» قيمي وديني تفرضه المجتمعات العربية. هل يدرك المدافعون عن هذا السياق كم اختلف مساره اليوم؟ هل يعون، بعملية حسابية بسيطة، نسبة الفتيات اللواتي يقصدن الأطباء لإجراء عمليات ترميم غشاء البكارة قبل إتمام الزواج التقليدي؟ طبعاً لا. لأنها تتم بسرية تامة. لكن ربما يستنتجون شيئاً من الرقم الذي ورد في دراسة صدرت أخيراً في بريطانيا تفيد بأن هذه العمليات مسؤولة عن تراجع جرائم الشرف بنسبة 80%.
كذلك، يتعرّض في المجتمعات العربية للتمييز، الطبقي هذه المرة، من لا يتقن التحدث بلغة أجنبية كالفرنسية أو الإنكليزية. يصبح مباشرة «غير لائق اجتماعياً» كما نُعت ذلك الشاب المصري الذي استُبعد عن منصب في السلك الدبلوماسي رغم تفوقه في الامتحان لأنه «ابن بواب»، ما دفعه إلى الانتحار.
ما هو هذا السياق أصلاً؟
فلو كان امتداداً لتراث إسلامي وعربي عريق، فالأجدى بالمدافعين عنه أن يساعدوا شبابنا على التماهي معه بدل أن يفرّغوه من فحواه، دافعين بهم إلى تسوّل تأشيرات الهجرة على أبواب السفارات طلباً لأوطان تمنحهم «أوبشن» الحفاظ على القدر الأدنى من الكرامة الإنسانية.
الحقوق والواجبات لا تتجزّأ. ماذا أبقى لنا القيمون من سياسيين وملوك وفراعنة من قيم العروبة ومن أنفة وكبرياء أن تكون عربياً في القرن الواحد والعشرين؟ فقد نزع هؤلاء قيمة الشرف عن معايير محاسبتهم. أودت سلوكياتهم بالقيم «في ستين داهية» أمام ضياع وطن كفلسطين ومصادرة حريات تؤدي إلى التفريق بين زوجين، كحالة المفكر نصر حامد أبو زيد، دون أن يطال ذلك، بنظرهم، شرفاً ظل مرهوناً بعذرية ما.
هل ممكن أن يشرح لنا أحدكم ماهية هذا السياق، الذي لم تكن فتوى «إرضاع الكبير» التي أصدرها أحد شيوخ الأزهر منذ عامين سوى امتداد كاريكاتورالي له؟ وما الذي يعد خروجاً عنه؟ بليز؟