لا يختلف اثنان في لبنان، على أن الانتخابات النيابية هي الحدث الأبرز محلياً. ومما لا شك فيه، أن الناحية الأمنية، هي الأبرز لضمان إتمام الانتخابات، لكنّ نشوب إشكالات على خلفيات انتخابية أخيراً، يبدّد الطمأنينة قليلاًأحمد محسن
بدأت الانتخابات اللبنانية، تشهر أنيابها أمنياً، وبدأت التقارير الأمنية تسجل بعض العراكات المزعزعة للأمن، التي يطغى عليها الطابع الانتخابي؛ وإن بقيت الملابسات غامضة قبل جلاء نتائج التحقيقات أحياناً. لا تعرف الإشكالات الانتخابية مكاناً واحداً، تنحسر فيه، بل تمتدّ لتشمل مساحة الوطن بأكمله. وعلى الرغم من أن بعض المناطق محسومة من ناحية النتائج، كما تقول استطلاعات الرأي، والاحصاءات، فإنها لم تنجُ من عدوى الإشكالات بسبب الانتخابات. وتشير التقارير المذكورة، إلى ارتفاع هذا الحوادث، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات، متواليةً بين طلوع الضوء، وهبوط الليل الداكن.
إشكالات «انتخابية» داخلية
استقبل المواطن الفلسطيني مصطفى ي. (26 عاماً) نهاره بالضرب، أول من أمس. فقد أوردت تقارير أمنية، أن مصطفى، وأثناء مروره في منطقة طريق الجديدة في السابعة صباحاً، تعرّض له شخصان، أحدهما مقنّع، فضرباه وشهر أحدهما مسدساً حربياً في وجهه، وفرّا إلى جهة مجهولة. لم توضح التقارير ملابسات الحادث، وهل هي على علاقة بالانتخابات أم لا، وخاصةً أن المجني عليه كان فلسطينياً لا لبنانياً. بيد أن المنطقة نفسها، وبعد ساعات قليلة على العراك الأول، شهدت حدثاً أمنياً آخر، أكدت التقارير ارتباطه بالإعداد لمهرجان انتخابي، إذ سُمعت أصوات إطلاق نار في حي البرجاوي، أثناء ذلك الإعداد. وأوضحت التقارير، أن الإشكال حصل بين مرافقي طارق د. وشاكر ب. المشاركَين في المهرجان المذكور، واللذين تربطهما علاقة وثيقة بالتيار السياسي المنظّم للمهرجان. أُلغي المهرجان، كما أوقفت دوريات قوى الأمن كلاً من محمد ط ورفيق خ. للاشتباه بإطلاقهما النار، وفيما أكدت تقارير أمنية تسليمهما إلى فصيلة طريق الجديدة، نفى مسؤول أمني آخر لـ«الأخبار» هذه المعلومات، مؤكداً عدم حصول ذلك. في المحصّلة، أثارت أصوات القنابل والرصاص التي تتكرّر بين الحين والآخر ذعر أهالي بيروت.
جهوزية أمنية للمواجهة
لا يتوقف الأمر على شوارع بيروت وحدها، بل يشمل خارج العاصمة أيضاً، فيما لا تخلو بعض عمليات التخريب من الفكاهة الواضحة، إذ قام مجهولون بوضع شريط لاصق على صورة للنائب ميشال عون، موضوعة على شرفة مكتب للتيار الوطني الحر، في مدينة زحلة. حدث ردّ فعل حينها، وتجمّع عدد من مناصري التيار، ما استدعى تدخلاً من الجيش. وبعيداً عن زحلة، في المسافة، ولكن ليس في السخونة الانتخابية، شهدت منطقة مستيتا (جبيل) إطلاق نار أمام أحد المطاعم، على دفعات، وذلك أثناء إقامة حفل عشاء للمهندسين برعاية النائب السابق، والمرشح الحالي فارس بويز.
جبهة العمل الإسلامي، نالت حصتها بدورها من الاعتداءات المتنقّلة، فقبل يومين، وفي بلدة مزبود، تعرّضت سيارة أحد المنتمين إلى الجبهة للحرق، علماً أنها كانت متوقفة أمام منزله. وفي سياق متصل، أوردت تقارير أمنية، خبر إحراق مركز عائد للتيار الوطني الحر في البلدة نفسها، في ما بدا أنها حملة منظّمة تستهدف المعارضة اللبنانية في تلك المنطقة (إقليم الخروب) على أبواب الانتخابات. ويوم أمس، انتقلت حرب الصوّر الصغيرة إلى الشمال، حيث أوقفت إحدى دوريات فرع المعلومات محمد س. بعد الاشتباه فيه بتمزيق صورة رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، في ساحة الدفتردار (طرابلس).
من الشمال إلى الجنوب، كانت صيدا قد شهدت عراكاً بين مناصرين للنائب أسامة السعد، وآخرين موالين لتيار المستقبل، وذلك على خلفية تعليق صورة من جانب التيار. حضرت دورية من الجيش، وأوقفت بعض المشاركين، وكان ذلك بمحاذاة مخيم عين الحلوة.
توحي الأحداث الأمنية ـــــ الانتخابية، أن البلد كله على حافة هزات مقلقة.
وفي الحديث عن الهزات الأمنية، ومدى تأثيرها على الانتخابات النيابية، أكد مسؤول أمني رفيع لـ«الأخبار» أن الحوداث ما زالت ضمن الحد المتوقع، بسبب التشنّج القائم، كما أن تقديرات القوى الأمنية تشير إلى أن جميع الفرقاء السياسيين، لن يقبلوا تغطية أي تفجير أمني، وأن المناوشات ستبقى في الإطار القابل للسيطرة. وفي سياق مواز، أكد المسؤول الأمني، أن 40 ألف عسكري من الجيش اللبناني و13 ألفاً آخرين من قوى الأمن الداخلي سيرفعون جهوزيتهم إلى الدرجة القصوى في اليوم الأخير قبل الانتخابات، تمهيداً لمراقبتها بحزم.

«مولوتوف» في بيروت
استمرت المناوشات في أحياء العاصمة في الأيام القليلة الماضية، فسُجل إلقاء قنبلة مسائية، في منطقة الأوزاعي، تلتها أخرى بعد ساعة، في منطقة الجناح القريبة (جسر السلطان إبراهيم)، لكن لم يصب أحد بأذى، وأكد خبير متفجرات في قوى الأمن أن القنبلتين دفاعيتان. وفي التوقيت نفسه، أول من أمس، كان مجهولان يلقيان قنابل «مولوتوف» حارقة على لافتتين انتخابيّتين لتيار المستقبل، في خندق الغميق، ما أدى إلى احتراقهما، ثم تبعهما قبل ساعة من منتصف الليل أربعة أشخاص ملثّمين ليرموا البنزين على اللافتات نفسها، ويحرقوها تماماً.