أنجزت جمعية «أخضر دايم» صفقة شراء 3 طوافات سيكورسكي (Sikorsky)، ستقلع قريباً من بريطانيا لتحط في لبنان، وسط حفل رسمي يهيّئ له وزير الداخلية زياد بارود. ويتوقع أن تسهم هذه الطوافات في الحد من حرائق الغابات التي تقضي سنوياً على 3000 هكتار من الغطاء الأخضر، آخرها 8 دونمات احترقت السبت الماضي في جويّا وحناويه. هل كنا قد تفادينا هذه الخسارة، فيما لو كانت الطوّافات موجودة في لبنان؟
بسام القنطار
في سباق مع توقيت بدء الموسم الفعلي للحرائق، وقبيل انشغال وزارة الداخلية الكامل بإدارة العملية الانتخابية، يُجري فريق مختص من سلاح الجو في الجيش اللبناني حالياً، الكشف النهائي على ثلاث طوافات من نوع سيكورسكي طراز S-70A، في مطار «ثيركستون» في بريطانيا، تمهيداً لإقلاعها باتجاه مطار رفيق الحريري الدولي.
وزير الداخلية والبلديات زياد بارود تكتّم على إعلان موعد وصول الطوّافات، التي ستتولّى مهمة مكافحة حرائق الغابات في لبنان، لكنه أعلن في مقابلة خاصة مع «الأخبار» أن «وصول الطوافات بات قريباً جداً».
صفقة الشراء التي أنجزتها جمعية «أخضر دايم» لمصلحة وزارة الداخلية والبلديات، هي الأولى من نوعها في تاريخ لبنان، وربما في العالم، حيث لم يسبق أن قامت جمعية غير حكومية بشراء طوافات شبه عسكرية لمصلحة الحكومة.
الوزير بارود لم يتردّد في الدفاع عن فكرة شراء الطوافات عبر جمعية وليس مباشرة من جانب الوزارة، ولو كان ذلك يعني التسليم بعجز المسار الحكومي عن تلبية حاجات البلاد سريعاً، «منذ البداية كنت أريد أن يجري الموضوع برمته خارج نطاق الوزارة، من أجل الإسراع في إتمام المعاملات التي قد تحتاج إلى سنوات فيما لو كانت الصفقة ستجري عبر الطرق البيروقراطية المعروفة في الإدارة اللبنانية».
وأعلن بارود أن الطوّافات التي ستهبها الجمعية لوزارة الداخلية والبلديات «ستوضع بتصرف سلاح الجو في الجيش اللبناني، لأنه الجهة الرسمية الوحيدة التي تضم طيّارين مؤهلين لقيادة هذه الطوافات، إلى أن يجري تدريب طيارين مختصين من جهاز الدفاع المدني».
وكانت جميعة «أخضر دايم» قد كلفت لجنة مختصة تولّت عملية الشراء، حيث وُضع دفتر شروط مفصّل، واستُدرجت عروض من جانب 21 شركة مختصة، ولقد رسا العرض، على «سيكورسكي ايركرافت كوربورايشن» الأميركية، وهي فرع من «يونايتد تكنولوجي كوربورايشن» التي تعدّ من الشركات العملاقة في صناعة الطائرات.
وكشف الوزير بارود أن «أخضر دايم» اتخذت قراراً جريئاً لما يُتوقع أن يتسبب به من نقاش محتمل، بشراء 3 طوافات بعدما كان مقرراً شراء طوّافتين و50 عربة إطفاء مجهزة لمكافحة حرائق الغابات. وأردف: «هذا لا يعني أننا تخلينا عن شراء العربات بل على العكس فالموضوع محسوم، لكن لن يجري ذلك في القريب العاجل لأننا لا نزال في مرحلة فض العروض، لذا فضّلنا أن نشتري الآن 3 طوافات، وأن نجمع المزيد من التبرّعات لشراء العربات التي يتوقع أن يصل ثمنها إلى 5 ملايين دولار».
وكان الوزير بارود قد بادر إلى تأسيس جمعية «أخضر دايم» بتاريخ 20-10-2008 التي ضمت عدداً من الناشطين البيئيين، إضافة إلى ممثلين عن شركات قطاع خاص وهيئات اقتصادية. ولقد استطاعت هذه الجمعية أن تجمع تبرعات بقيمة 16 مليون دولار، تبرّع بنصفها النائب سعد الحريري، إضافة إلى مصارف ورجال أعمال وشركات تأمين وغيرها.
وتراهن الجمعية على تفاعل الرأي العام اللبناني مع مشهد وصول الطائرات، ما سيجعل المواطنين يبادرون إلى تقديم المزيد من التبرعات لشراء العربات.
وكانت الجمعية قد طرحت في البداية فكرة تنظيم «تيليتون» (يوم بث مباشر تلفزيوني) لجمع التبرعات، فتبين أن الأمر يحتاج إلى تحضيرات طويلة ومسبّقة لضمان نجاحه، فعمدت إلى جمع التبرعات عبر الاتصال المباشر برجال أعمال وهيئات اقتصادية ومصارف.
ويشير الموقع الرسمي لشركة سيكورسكي إلى أن طوافة S-70A، المختصة بمكافحة حرائق الغابات لديها ميزة التحرك السريع، وإمكان التدخل في المناطق الجبلية الوعرة. ولقد نالت هذه الطوافة جائزة تقديرية من جانب مجلس ولاية لوس أنجلس بعدما أسهمت في إطفاء الحريق الهائل الذي اندلع في جنوب الولاية عام 2004، حيث يمتلك جهاز إطفاء حرائق الغابات في الولاية ثلاث طوافات من هذا النوع.
وتمتاز هذه الطوافة بقدرتها على رمي المياه بطريقة مركّزة وكثيفة على بقعة النار المستهدفة، وهي مجهزة بخزان مياه في أسفلها يتسع لحدود 1000 غالون، أي ما يعادل 3785.4 ليتراً. لكن مستشار الوزير بارود الزميل ربيع الشاعر أشار إلى أن الطوافات التي اشترتها الجمعية مجهّزة بخزانات إضافية تصل سعتها إلى حدود 12 ألف ليتر. ولقد صُمّمت الطوافة لكي تمتلك القدرة على تعبئة المياه أثناء التحليق عبر خرطوم طويل (منشاق) يسحب المياه من المجرى المائي إلى الطوافة في أقل من 3 دقائق، الأمر الذي يزيد من فعالية العودة السريعة إلى منطقة الحريق.
وإضافة إلى مكافحة الحرائق، يمكن تعبئة الخزانات بالمبيدات لرش المزروعات، كما تمتلك الطوافة القدرة على القيام بعمليات إنقاذ خلال الكوارث الطبيعية، وهي مجهّزة بعيادة طبية نقّالة، ومقاعد مختصة لنقل المرضى والجرحى.
ويشير الشاعر إلى أن الصفقة لا تتضمن فقط شراء الطوافات، بل تشمل قطع الغيار والصيانة وتدريب الطيارين وغيرها من القضايا اللوجستية. وامتنع الشاعر عن الكشف عن تفاصيل إضافية تتعلق بالقيمة الإجمالية للصفقة، لكنه أشار إلى أنه واثق بأن الجمعية «وفّرت مبالغ طائلة، ووصلت إلى سعر مميز مقابل كامل الخدمات».