غادة دندش أعلنت إليزابيت ساتلر غرين، رئيسة الجمعية البريطانية CHEM لـ«حماية الإنسان والبيئة من تأثير الكيميائيات»، أنه حان الوقت للتنبّه لمخاطر الكيميائيات على صحّة الإنسان عموماً، وعلى الخصوبة لدى الرجال خصوصاً. وكانت المؤسسة قد نشرت في بداية الشهر الجاري تقريراً للبروفيسور في «القنصلية البريطانية للأبحاث الطّبية» ريتشارد شارب، يتحدّث فيه بإسهاب عن الكيميائيات المختلفة التي نستخدمها في حياتنا اليومية، وعلاقتها بمجموعة من الأمراض التي نعانيها. أضاء تقرير صادر عن الجمعية على علاقة بعض هذه الكيميائيات بانخفاض الخصوبة لدى الذكور. هذا الانخفاض الذي سيتفاقم بسرعة خلال العقود المقبلة إذا لم يُضبط استخدام بعض المواد الكيميائية. وأكّد شارب العلاقة الوثيقة بين ارتفاع نسبة الإصابة بين الذكور بسرطان الأعضاء التناسلية وانخفاض الخصوبة وحالات الخصية المخفية لدى حديثي الولادة من الذكور من جهة، وبين بعض المواد الكيميائية من جهة أخرى. من الأرقام المخيفة في التقرير تلك التي تشير إلى أن نسبة الذكور الذين يولدون بخصية مخفية في بريطانيا بلغت في الأعوام الأخيرة 1/17. والخصية المخفية تعني احتمال انخفاض نسبة الخصوبة لدى الجنين في مرحلة البلوغ، وكذلك ارتفاع احتمال إصابته بسرطان الخصيتين في وقت لاحق.
يشير شارب في تقريره إلى مادة الـ Phtalate كمتّهم أساسي على رأس لائحة من المواد الكيميائية القادرة على التفاعل مع الهرمونات البشرية، وإلحاق الأذى بها. ويطلق العلماء على هذه المواد تسمية مجموعة الـ EDC وهي تكون في أدوات كثيرة نستخدمها في حياتنا اليومية. من هذه الأدوات ستائر الحمّامات والألعاب البلاستيكية والكهربائية ومواد التجميل وغيرها. وقد أظهرت بعض الفحوص والتحاليل التي أجرتها مختبرات بريطانية على عيّنة من الأطفال والبالغين الذكور أن بعض هذه المواد موجود في أجسام الخاضعين للفحص وبكمّيات أكبر لدى الأطفال. ويشير شارب إلى أن تعرّض الحامل للاحتكاك بمثل هذه المواد وغيرها خلال فترة الحمل يلحق الأذى بجهاز الجنين التناسلي، لا سيّما إذا كان ذكراً. هذا الاحتكاك بالكيميائيات قد يجري عبر الطعام الذي تتناوله الحامل وعبر بعض الأدوات المنزلية التي تستخدمها ومعظم أدوات التجميل التي تحتكّ بالجلد أو الشعر مباشرة.
وتشير بعض التقارير إلى أن خصوبة أي ذكر بالغ في الدول الصناعية تبلغ في عصرنا الحالي نصف خصوبة جدّه، فيما تقارب نسبة إصابته بسرطان الخصيتين ضعف نسبة إصابة جدّه. هذه الحالات لا تقتصر على البشر، فقد أظهرت بعض التحقيقات البيئية أن بعض أنواع الأسماك الموجودة في الأنهار المعرّضة للتلوّث بالمواد الكيميائية بدأت تتبادل جنسها. حيث تظهر بعض الأعضاء التناسلية الذكورية لدى الإناث منها وكذلك بعض الأعضاء الأنثوية لدى الذكور.
لائحة شارب الطويلة لا تقف عند هذا الحدّ، بل تتطال مجموعات أخرى من المواد الكيميائية. ويؤكّد التقرير أن هذه المواد تلعب دوراً أساسياً في الإصابة بعدد من الأمراض كالسرطانات المختلفة والعقم والتشوهات الخلقية والربو والحساسية على أنواعها وأمراض القلب والشرايين والاضطرابات العصبية لدى الأطفال والسُمنة المرضية وغيرها. بعض هذه المواد قديم وممنوع من الاستخدام لكنه لا يزال موجوداً ومستخدماً في بعض البلدان، كمبيد الـ«دي دي تي» والبوليكلوريد بيفينيل الموجود في الأدوات الكهربائية. وهناك مواد أخرى حديثة مستخدمة في يومنا هذا منها مضادات الحرائق البروميدية الموجودة في أجهزة التلفاز والأدوات البلاستيكية والكمبيوترات والسجّاد والأثاث وغيرها.
يوضح تقرير شارب أن ملاحقة تأثير هذه المواد منفصلةً يواجه بعض العقبات لأنها خلال تعرّض الإنسان لها تتمازج خارج الجسم وداخله مولّدة بذلك تأثيرات جديدة ومؤذية.