Strong>ما تعيشه الاستخبارات الإسرائيلية في لبنان خلال هذه الأيام هو أمر غير مسبوق، في العلن على الأقل. فمع استمرار تفكيك شبكاتها بمعدل واحدة كل 4 أيام، فرّ اثنان من المشتبه فيهم إلى الأراضي المحتلة أمسبدأ الضغط الذي مارسته القوى الأمنية المعنية بمكافحة التجسس في لبنان، المتمثل بتوقيف أكثر من 10 شبكات يشتبه في تعامل أفرادها مع الاستخبارات الإسرائيلية منذ أيلول الفائت، يعطي نتائج من نوع آخر، تمثل بفرار عدد من المشتبه فيهم إلى فلسطين المحتلة. وقد سجل يوم أمس فرار اثنين عبر الحدود اللبنانية الفلسطينية، ليضافا إلى اثنين آخرين (كميل إ. ورزق إ.) كانا قد فعلا الأمر ذاته يوم 7 أيار الجاري، لكن من دون معرفة الطريق الذي سلكاه.
القوى الأمنية اكتشفت فرار المشتبه فيهما صباح أمس، بعدما عثرت على سيارة مرسيدس قرب الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، على مقربة من بوابة يارون. وتبين أن السيارة تعود لإيلي ح. (50 عاماً)، وهو من منطقة المية ومية ويقطن في بلدة القليعة (قضاء مرجعيون) منذ ما يزيد على 20 عاماً، ويعمل مدرِّساً في حاصبيا. وعندما قصدت القوى الأمنية منزل إيلي في القليعة، لم تعثر عليه ولا على زوجته. وبعد تفتيش المنزل، وجدت دورية من استخبارات الجيش مخبأً سرياً داخل خزانة خشبية، شبيه بالذي يستخدمه عملاء الاستخبارات الإسرائيلية عادة لإخفاء أجهزة إرسال، لكن المخبأ في منزل إيلي ح. كان فارغاً. ورجّح مسؤول أمني أن يكون إيلي يعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، وأنه أخذ معه الأجهزة التي كان يستخدمها للتواصل مع مشغليه، علماً بأن استخبارات الجيش صادرت جهاز كومبيوتر من منزله.
أمر مشابه حصل مع المواطن حنا ق. (في العقد الخامس من العمر). فبعدما عثرت القوى الأمنية على سيارة مستأجرة جنوب بلدة رميش (قضاء بنت جبيل)، بالقرب من إحدى بوابات الشريط الحدودي الفاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، بدأت التحقيق لتحديد سائق السيارة، فتبين ان مستأجِرها هو المواطن حنا ق.، وهو من بلدة الجية في ساحل الشوف، الذي يقطن في بلدة رميش. وعندما توجهت دورية من استخبارات الجيش إلى منزل حنّا ق.، وجدته فارغاً، ومتروكاً على عجل. وفيما صادرت القوى الأمنية جهاز كومبيوتر من المنزل، رجّح مسؤول أمني أن يكون الأخير قد غادر إلى الأراضي المحتلة مع زوجته وأولاده، خشية انكشاف علاقته بالاستخبارات الإسرائيلية.
وفي الوقت عينه، استمرت مديرية استخبارات الجيش بالتحقيق مع الموقوف زياد الحمصي، المشتبه في تعامله مع إسرائيل، والموقوف منذ فجر السبت الفائت. وبعدما كان الحمصي قد ذكر للمحققين أنه تخلّص من أجهزة الاتصال التي زوده بها مشغلوه الإسرائيليون، عاد أمس واعترف بأنه خبأها في المكتبة العامة التي كان قد أنشأها عند مدخل بلدته سعدنايل من جهة تعلبايا، والموجودة داخل مقصورة قطار قديم. وقد دهمت دورية من الجيش أمس المكان المذكور حيث ضبطت أجهزة اتصال مُخفاة داخل جهاز تلفزيون صغير ومسجلة وراديو، فضلاً عن شرائح ذاكرة إلكترونية (USB) وعدد من الوثائق. وعلمت «الأخبار» أن الموقوف لا يزال يراهن على عامل الوقت، ما يؤدي إلى إبطاء التحقيقات التي تجري معه. وأصدرت مديرية التوجيه في الجيش بعد ظهر أمس بياناً تحدّثت فيه عن ضبط الأجهزة.
وتجدر الإشارة إلى أن بعض شبّان بلدة سعدنايل لا يزالون يعتصمون داخل خيمة نصبوها أمام منزل الحمصي، معربين عن عدم اقتناعهم بما ينسب إليه.
(الأخبار)