في مجتمعاتنا، يرتبط الشاب بفتاة أصغر منه أو تقاربه في السن. كلاسيكي. وأحياناً يرتبط الرجل بفتاة في سن ابنته. تحصل. رغم أنه ارتباط لا يزال المجتمع يستهجنه. أما إذا عُكست الأدوار، وارتبط شاب ما بامرأة تكبره سناً، فـ«خود على قيل وقال»، يقتضي البحث في أحقيّته
نادين كنعان
كثيرون هم الشباب الذين تجذبهم المرأة الأكبر منهم سناً. يجاهرون بعلاقاتهم ويدافعون عنها، رافضين عدم اعتبارها طبيعية من جانب البعض. لدى سؤالهم عما يجذبهم في هؤلاء النساء، تركّز إجاباتهم على تمايزهن عن الفتيات اليانعات: «شخصية ناضجة وأنوثة متّزنة، واثقة، ومكتملة، تزيدهن سحراً وجمالاً، واستقرار نفسي تفتقده الأصغر سنا»ً. بهذه العبارات يصفونهن، وبأخرى تشدّد على اعتبارات اكتمال الخبرة الحياتية. فهنّ «يعرفن ما يردن تماماً، ويثقن بأنفسهن وبخياراتهن. إضافةً إلى أنهن يوفّرن الحنان والاهتمام لشريكهن بكرم وإغداق، مع ابتعادهن عن تفاهات الحياة وتحقيقهن للاسقلال المادي».
أمّا العامل الأساسي والمشترك الذي يجذب هؤلاء الشباب، فهو لذة التخلص من أعباء الالتزام ومن المسؤوليات المترتبة عليه: فهنا، لا مكان لعقدة الذنب من ممارسة الجنس مع الشريكة، ولا لهاجس التورّط في عواقب قد تؤدي إلى إجبار الشاب على الزواج مثلاً.
يبلغ يوسف س 24 عاماً. سبق له أن أقام ثلاث علاقات مع نساء رواحت أعمارهن بين الـ 28 والـ 45 عاماً. يعزو يوسف اهتمامه بهذا النوع من العلاقات إلى الحنان الذي توفّره له، وإلى كثرة الإطراءات التي يتلقّاها، في إطارها، من شريكته التي تشعره كأنّه «عنتر زمانه» بحسب تعبيره. كذلك، يستهويه الإحساس بالتحرر الذي تمنحه إياه. تحرّر من الشعور بالالتزام نحوها، تقابله حرية كاملة في ممارسة الجنس مع الشريكة. فبالنسبة إلى يوسف، أفضل ما في الأمر هو تحقيقه للاكتفاء الجنسي من دون شعوره بالذنب، لأن المرأة تكون «غلطانة خالصة»، كما يعتبر، إضافةً إلى أن الخبرة التي يكتسبها من علاقته معها تتيح له لاحقاً التباهي أمام صغيرة السن، وبالتالي، تحسين فرصه بالقبول.
أما سام، (23 عاماً)، الذي واعد حتى الآن أربع فتيات يكبرنه بفارق لا يقل عن ست سنوات، فيعجبه «حنانها واهتمامها بي، فضلاً عن الانفتاح الذي تتميز به في أسلوب حياتها أو حتى جنسياً». في رأيه، هي أنثى جاهزة للمغامرة، قادرة على تفهم رغباته الجنسية، وهو تفهّم يتيح له «إطلاعها على حاجاتي بكل سهولة ومن دون تردد».
«الكبيرة نقها أقل ومش كتير متطلبة». يقول أيمن العمري، (26 عاما)، الذي خاض التجربة مرّتين حتى الآن.
إضافةً إلى الاكتفاء الجنسي، يذكر أيمن، في قائمة إيجابيات هذا النوع من العلاقات، الجانب المادي. فشريكتاه السابقتان كانتا تتكفّلان تقريباً كل النفقات المالية في العلاقة «من سهرات وضهرات وشوبينغ».
وفيما اختلف عادل (22 عاماً) وعلي (24 عاماً) عن الباقين، إذ أكدا أنهما، عندما يدخلان في علاقات مثل هذه، يكون ذلك بنيّة جدية للاستمرار، لا بنية تحقيق بعض المكاسب منها فحسب، إلّا أنهما اتفقا مع الآخرين على اعتبار أنّ الكبيرة في السن أكثر تفهماً، كما تطرقا أيضاً إلى خبرتها على الصعيد الجنسي.
تتباين نظرة الشبان إلى علاقتهم بمن تفوقهم سناً، لكن الثابت الوحيد يبقى أنها تحقق لكل منهم إضافات معيّنة يحتاج إليها. وبالرغم من استغراب المجتمع لها، تبقى قائمة بنسب قد تفاجئ كثيرين. فيها، يحاول كل طرف التعويض عن نقص ما في حياته، أو التخفّف من عبء مسؤوليات مادية ومعنوية لا يستطيع تحملها بعد، ليظلّ معيارها الوحيد هو توافر عناصر التوافق التي يحدّدها كل من الطرفين، ويتحتم على الجميع احترامها في إطار أقدس أنواع الحريات، حرية الاختيار.


إذا عُرف السبب بطل العجب؟

يقسّم د. وفيق إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع، أسباب ميل الشباب إلى العلاقة بكبيرة السن إلى ثلاثة أقسام: الاقتصادي والجنسي، والإحساس بالأمومة. إذ يرى أن أي نقص في هذه الجوانب عامل أساسيّ. فالشاب المكتفي ماديّاً، يُشبع بهذه العلاقات حاجات جنسية أو نقصاً في الحنان والعاطفة مرتبطاً بالأمومة. وكذلك، الذي يكون على علاقة جيّدة بوالدته وقد حصل منها على الاهتمام الكافي، يتطلع إلى تقوية مهاراته وإشباع حاجاته الجنسية، أو إلى تأمين مصاريفه. ويبقى العامل الجنسي هو الأهم، إذ يحصل الشاب مع كبيرة السن على الرضى والاكتفاء بينما يشعر بأنه ينمّي مهاراته الجنسية. كما يعتقد إبراهيم أن الميل إلى مثل هذا النوع من العلاقات يخفّ مع تقدم الشاب في السن.