عندما تُحَل قضية الشرق الأوسط نكشف عن الآثار• الاستملاك المعجّل سرّع العمل

راجانا حمية
البارد بخير. صوره المعلّقة على جدران مكتب لجنة الحوار اللبناني ــ الفلسطيني لا تشي إلا بشيٍء واحد: الصورة الجميلة التي سيكون عليها البارد بعد عودته العتيدة. والصورة، كانت بعيدة كل البعد عن صورة المخيم المدمر كما يعرفها أهله، التي كانت محور اللقاء مع رئيس اللجنة السفير خليل مكاوي

سنتان مرّتا على دمار نهر البارد. ما الذي تحقق إلى الآن في سبيل عودة المخيم؟
- تحقق الكثير. في موضوع البدء بإعادة الإعمار في الجزء القديم، فوضع حجر الأساس هو خير دليل على أننا رسمنا الخطوة الأولى من العمل الجدي. والمخطط التوجيهي لإعادة الإعمار بات جاهزاً، وقد أقره مجلس الوزراء الأربعاء الماضي. وكنا قد أنجزنا في وقت سابق رفع الأنقاض، إذ تمكن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتنسيق مع الأونروا إلى الآن من رفع ما يقارب 80% من الأنقاض. أما بالنسبة إلى عودة الأهالي، فقد أرجعنا 16 ألف نازح إلى الجزء الجديد من المخيم. وهذا في حد ذاته إنجاز. يبقى الإنجاز الأهم هو التغيير الإيجابي في نموذج العلاقة اللبنانية ـــــ الفلسطينية التي نسفت ادعاءات المغرضين أننا نريد توطين الفلسطينيين أو تهجيرهم.

كان الموعد الرسمي أن تبدأ عملية إعادة الإعمار مطلع الشهر الجاري. لم تأخرتم؟ وهل للانتخابات النيابية علاقة؟
ما زلنا عند وعدنا، ولم نبتعد كثيراً عن الموعد. وعندما قلنا إن مخيم نهر البارد سيعاد بناؤه، فهذا يعني أنه سيعاد. وإذا تأخرنا، فبسبب إجراءات إدارية روتينية. ثم إن لبنان مصرّ على الإيفاء بوعده، لكن المسؤولية تقع على المجتمع الدولي، فبالنهاية الأموال كلها تأتي من الدول المانحة. أما إن كان للانتخابات علاقة بالأمر، فأنا مطمئن إلى أن الشاحنة الأولى ستفرغ حمولتها على أرض مخيم نهر البارد قبل الاستحقاق الانتخابي. ومن ناحية أخرى إعادة الإعمار هو موضوع إنساني ووطني بحت لا علاقة له بالسياسة، وقد أدرج في البيان الوزاري وفي خطاب القسم أيضاً، ولا أعتقد أن أي لبناني عاقل يرفضه.

ما هي العوائق التي تحول دون البدء بالإعمار؟ هل تتحقق مخاوف أبناء البارد من أن يصبح الحجر الأساس نصباً تذكاريّاً؟
أقول إنه لو لم تكن النيّة بالإعمار قائمة، لما ذهبنا في الأساس لوضع الحجر الأساس. باختصار، لن تبقى اللوحة وحيدة. أما العوائق، فهي تتعلق بالترتيبات التكتيكية الإدارية، لا بالاستراتيجيا، لكن الآن لا مبرر للقول إن ثمّة عوائق. أما ماذا كانت، فهي متعددة، لعل أهمها قانون استملاك أراضي الجزء القديم، فقد استلزمنا الكثير من الوقت لحصر أصحاب هذه الأرض، كما انتظرنا موافقة الدول المانحة بتخصيص جزء من الأموال المخصصة للإعمار للاستملاك. وتأخير صدور قانون الاستملاك، كان لأن مشروع القانون أعيدت صياغته مرتين. في المرة الأولى، طلبت قيادة الجيش إضافة 3 عقارات من خارج المخيم لبناء مركز عسكري، ثم أعادت درس طلبها بعد فترة، الأمر الذي حتّم إعادة العمل بالمشروع بشكله الأول. وعملية نزع الألغام أخذت وقتاً أطول. فالقطاعان، الأول والثاني من الجزء القديم كانا ملغّمين بكثرة، وعملية نزع الألغام كانت تستوجب نزع كل لغم على حدة.

أين أصبحت مراسيم تطبيق قانون استملاك أراضي الجزء القديم من المخيّم؟
الاستملاك تمّ نهائياً، وأيضاً بات هناك 8 ملايين دولار أميركي محجوزة له من أصل 12 مليوناً. وافق مجلس الوزراء على طلبنا بإصدار قانون يسمى الاستملاك المعجّل، وقد أُقرّ في جلسة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة. من دون هذا القانون لن نستطيع البدء بإعادة الإعمار، وخصوصاً أنه لا طاقة لنا على الاتّصال بكل مالكي الأراضي، وعددهم إلى الآن نحو 700. من شأن هذا القانون أن يسمح للشركة المتعهدة بالبدء، لأن صاحب الحق هنا لا يستطيع الاعتراض على التنفيذ، فقط على السعر.

لِمَ لم يصدّق مجلس الوزراء حتى الآن المخطط التوجيهي لإعمار المخيّم؟
المخطط جاهز، وصدّقه في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، على أن يُوافَق على المخطط التفصيلي للقسمين الأول والثاني في الأيام المقبلة.

كثُر الحديث عن مدينة أثرية في البارد. إذا قررت مديرية الآثار إبراز هذه المدينة وحجز أرض لها، فماذا سيحل بمباني هذا العقار؟ وهل يُستبدَل باستئجار عقار آخر خارج المخيم؟
حُسم الموضوع. توجه الحكومة اللبنانية هو حماية الآثار بطريقة مدروسة، ويعاد البناء إعادة عادية. إن شاء الله عندما تحل قضية الشرق الأوسط (النزاع العربي ـــــ الإسرائيلي) ويعود الفلسطينيون إلى بلادهم، نعيد إحياء هذه المدينة الأثرية. ففي النهاية الأرض لبنانية، وإذا كان هناك آثار قيّمة، فعلينا إبرازها. لكن لنفرض جدلاً أنها مهمة، فهناك أولويات، وهي تحتّم حل أزمة إنسانية ضخمة لثلاثين ألف مشرد. ونعيد التأكيد أنّه لن يُستبدل العقار بعقارٍ آخر وسيعاد البناء على هذه الأرض كما كان.

متى يبدأ العمل بإعادة إعمار الجزء الجديد من المخيّم؟
الأولويات تفرض البدء بإعادة إعمار الجزء القديم، لأنه مدمر كلياً، وعلينا إعادة أبنائه إليه، فيما أكثر من ثلثي مساحة الجديد صالح ويحتاج إلى بعض الترميم.

هل ستلتزم الأطراف المكلّفة إعادة الإعمار، وهي لجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني والفلسطينيون والأونروا بالعام 2011 تاريخاً نهائياً لعودة البارد وأهله؟
إذا توافر المال، بالتأكيد. وإن لم يتوافر، فالأكيد أننا سنكون أمام كارثة بناء 5 أقسام من الجزأين القديم والجديد.


إعمار المرحلتين الأولى والثانية