«الصورة بتحكي أكتر من مئة مقال»، تقول ابنة مخيّم شاتيلا هدى العلي (14 عاماً). تركت العلي مخيّمها، حملت كاميراتها وتوجهت مع مجموعة من زملائها اللبنانيين والفلسطينيين إلى مخيّم برج البراجنة. بدوا من بعيد كأنهم مجموعة ناشطين في اعتصام لإحياء النكبة. ساروا في أزقة المخيّم يتقدمهم الزميل المصور رمزي حيدر، لأنه يعرف «تفاصيل المخيّم»، كما يقول. مشوا وأعين اللاجئين وأسئلتهم تلاحقهم: «شو في؟ ليش عم تصوروا»؟ «عم يعلمونا التصوير»، كانوا يقولون ثم يشرحون لمن زادت أسئلته: «نحن مع جمعية ذاكرة، وهيدا مشروع ما بعد لحظة». يدخل المراهقون الدكاكين دون استئذان، يبتسم أصحابها ويتصرفون كأن الكاميرا غير موجودة. ترتفع أصوات ضحكاتهم. تجتذب الضحكات امرأة تحمل طفلها. ترى كاميرا مصوّبة باتجاهها، تختبئ خلف ولدها، فتقتنص العلي الصورة كأي محترفة. تضحك المرأة. انقسم الشباب في مجموعتين. تاهوا في الأزقة، ليعودوا ويلتقوا مجدداً في زقاق هنا أو هناك. البعض الآخر كان كمن يدور حول نفسه ليعود إلى النقطة التي انطلق منها. «عندها عين مش طبيعية»، يقول حيدر، مؤسس جمعية ذاكرة وصاحب المشروع، عن العلي. هي شهادة يُعتدّ بها من زميل حاز أربع مرات جائزة أفضل صورة ومصوّر في العالم. أما بالنسبة إلى علي فصوّرها «ليرى العالم حياتنا في المخيّمات». مشروع «ذاكرة» ليس الأول لها، هذا مشروعها الثاني لدمج الأولاد اللبنانيين والفلسطينيين كما يقول حيدر. «العالم هون فقراء، ما كنت عارف هيك بعيشوا ولاد المخيّم»، يقول علي صوفان ابن منطقة الشياح مضيفاً: «كنت أسمع عن عيشة المخيمات، بس أول مرة بشوف كيف». استطاعت الزيارة الأولى، التي قام بها صوفان للمخيّم، أن تفتح كوة مع الفلسطينيين. أصبح صوفان يعرف «أكثر عنهم ، فهم يشبهوننا». قاسم...