تشكّل علاقة حزب اللّه بجمهور المعلقين عليه في الحقل السياسي الإعلامي ممّن كان لهم وجود إعلامي شرعي في مرحلة الجمهورية اللبنانية، أي باستثناء المعلّقين العونيين والقوّاتيين، تشكل هذه العلاقة مناسبة مفيدة لقراءة بعض النماذج الفكرية السائدة في المجتمع اللبناني. كما تشكل نموذجاً لقراءة بعض ديناميكيات «النظام اللبناني»، بما هو عادات سياسية وحجج عقائدية مرادفة لهذه العادات، تتكرر وتبلور ما يختبر على أنه ثبات اجتماعي أو تطور اجتماعي أو "طبيعة" المجتمع اللبناني، وغيرها من معالم الفكر العادي
رائد شرف *
تجتمع النماذج الفكرية السائدة في المجتمع اللبناني على إغفال تأثير مرحلة التسعينات في تكوّن حزب الله، في شكله وسلوكه الحالي. والإغفال لا يعود فقط إلى السياسة الإعلامية لفريق ١٤ آذار التي تعمل على تبرئة الطبقة الحاكمة في التسعينات من الحماقات والجرائم التي ارتكبت وأوقعت البلاد في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية. علماً أنّ هذه السياسة الإعلامية شديدة التراصّ والتلاحم بين أعضاء حلف الموالاة كافة، كما عند أعضاء حلف المعارضة، حيث أن شروط المواجهة في الأزمة فرضت تنسيقاً إعلامياً عند أركان كل فريق في ما بينهم لدرجة جعلت من معركة جزين بين بري وعون مبارزة "حبّية" و"رياضية"، لا جذور اجتماعية لها سوى في "الحاضر". إنما يعود سبب إغفال مرحلة التسعينات في النظرة إلى حزب الله، إلى أنها لا تزال تشكل أساس تنشئة بنية المجتمع السياسي اللبناني وبنية شروط لعبته حتى الآن، وإن كان لظهور ميشال عون على الساحة بعض المفاعيل التي تفرض المراجعة على أعضاء هذا المجتمع. والنظرة إلى التسعينات قد تكون صعبة عند جمهور الطبقة السياسية لأنها تكشف عن شروط تموضُع غير موقع في السياسة اللبنانية، وتزعج أكثر من موقع إقليمي، قد يكون النظام في الشام أقلّهم ضرراً رغم مسؤوليته الأكبر في تركيب الموضوع.
يمكن إرجاع المعلقين على سلوك حزب الله الأكثر بروزاً على الساحة الإعلامية حالياً إلى صنفين أساسيين من مناحي "التفسير" والسلوك: الصنف الأول يرى حزب الله من زاوية بروزه في الثمانينات كحركة "خمينية"، ثورية"، سلوكها يمليه ولاؤها لإيران، وكأن أي ولاء لقوة أجنبية "ممولة" كفيل بتفسير منظمة حربية وجماهيرية ممتازة. وفي جميع الأحوال، يرى هذا الصنف الحزب على موقع نقيض من "الإجماع اللبناني" (هكذا يسوق نفسه المشروع البورجوازي المهيمن، كمتحدث باسم فئات الوطن كافة). ونرى هذا الصنف في أغلب الأحيان عند أقلام ١٤ آذار. أعضاؤه "وظفوا" في التسعينات، قبل الأزمة الحالية بكثير، على أساس تماشيهم "العفوي" مع هذا المنطق. هو صنف، في أغلب حالاته المتجلية، يرى المجتمع اللبناني من زاوية الحرب الأهلية الأخيرة، ويقيم أساس تحليله بناء على هواجسه الاجتماعية العائدة إلى أيام هذه الحرب (وهو جيل بكامله من الكتاب والسياسيين كان في سنيّ الحرب ما بين العشرين والأربعين من عمره).
وهواجسه الاجتماعية المرتبطة بالحرب، وإن كانت صادقة، لا تعني بالضرورة أنها تصح مقام حقيقة مجال خيارات الآخرين، بمن فيهم من كان في مواقع اجتماعية أخرى. فنكاد لا نرى عند هؤلاء معالجة تحليلية لحزب الله في ضوء الظلم الذي وقع أثناء اجتياح الجيش الإسرائيلي للبنان في سنة ١٩٨٢، عندما أجمعت القوى السياسية المهيمنة على التعاطي مع العدو "بعقلانية"، واستقبل صائب سلام الرئيس بشير الجميل المنتخب، وبدا الحزب السوري القومي الاجتماعي وكأنه "المريض" الوحيد المهووس في إفساد الهوّارة الوطنية.
أما أعضاء الصنف الآخر من التفسير ومعالجة "حزب الله"، فغالباً ما يرون الحزب من زاوية تطور الظاهرة عينها التي برزت في الحرب الأهلية، لكن نحو "شيء أفضل": حيث قد برهن حزب الله عن حسن نيّة فتخلّى عن شعار ومشروع "الثورة الإسلامية"، مفسرين تعاطيه والسياسة اللبنانية الداخلية بالسلوك العقلاني الملمّ بشؤون المنطقة وبـ"أحوالها الطائفية". وهذا الصنف من التحليل يكثر عند المعجبين بـ"المقاومة" والتوّاقين إلى "البطولات". فغالباً ما تذهب بهم رومانسيتهم إلى صبغ حزب الله بصفة "نقدية" للمجتمع اللبناني، بما هو مقدِّم لخدمات اجتماعية وداحر للاحتلال "مقابل لا شيء"، على عكس بقية القوى المنبثقة من "الحرب". ظاهرة لا يسلم منها بعض اليسار (ولا نعني هنا ما يسميه الرفيق أسعد أبو خليل "اليمين الجديد"، أي يسار "زي ما هيّي" الديموقراطي)، في ظل غياب تجديد ثقافي يساري جدي، وأي نية في بعث هكذا ثقافة عند الحزب الشيوعي اللبناني، على ما لاحظ محمد دكروب في مناسبة مؤتمر الحزب الشيوعي العاشر، وفي ظل اكتفاء الحزب الشيوعي اللبناني بانتقاد "النظام اللبناني" بكامل أعضائه، بأدوات الفكر السائد في الإعلام المهيمن، دون تفصيل علمي لظروف تموضوع هذا "النظام". فماذا يعني الحزب الشيوعي، على سبيل المثال، بالقول إنّ البورجوازية "ارتكبت أخطاء" منذ الاستقلال؟ (السفير في ٢٣ شباط ٢٠٠٩ "وثيقـة الحزب الشيوعي: لبنان في قلب الصراعات مجددا" الفقرة الخامسة) هل يعني ذلك أنه كان بالإمكان للبورجوازية أن تكون "شيوعية" وأن تتجنب هذه الأخطاء؟ على كلٍ...
يجسّد صِنْفا التفسير البارزان المواقع العقائدية والرمزية الأكثر مكافأة "مهنياً" في مرحلة التسعينات أو الجمهورية الثانية.
الأول ضمن مجال عائلتي سعود والحريري الإعلامي. وهاتان العائلتان، كما رأس المال عامةً، كانت لهما اليد العليا في إدارة شؤون البلاد آنذاك، وفي إبداء الملاحظات في الأمور المستقلة عن سيطرتهم المباشرة. الانزعاج من حزب الله المقاوم من جملة هذه الملاحظات، كما جسّده إطلاق النار العسكرية على الجمهور "المحسوب عليه" في أكثر من مناسبة. ثم ما لبثت هذه الملاحظات أن تحولت إلى هجوم صريح ابتداء من سنة ٢٠٠٥، وجرى استيعاب خطاب الميليشيات الطائفية في المنطقة الشرقية، المدانة سابقاً لرفضها تقسيم الأدوار السائد.
أما الصنف الثاني، فكان يقع ضمن مجال الملتحقين عقائدياً وإجتماعياً بالسياسات "البراغماتية" للحكم في الشام، القائمة على تضييع وقت الناس لأن "الوقت لمصلحة الدبلوماسية"، والعائدة المنفعة إلى رأس المال في نهاية مطاف "عروبي وممانع" الشكل. وهذا الصنف كان يجد مكافأته عند أصحاب القرار في الشام، وأخيراً على تلفزيون المنار خاصةً. وهو، بالرغم من ادّعائه التصحيح لا بل الاعتراض على الصنف الأول، لا يعدو كونه مجرد تابع للأول إذ يتبنى منطلقات الأول بالنظرة إلى حزب الله على أنه نتاج الحرب، والحرب فقط، تبعاً لنظرة مسطحة لتفاصيل المجتمع اللبناني، لا ترى في المجتمع سوى جماعات، في تقليد يتماشى مع سياسة الميليشيات الشمولية وخطاب صعودها وصعود شأنها في الثمانينات، كما يلاحظ جورج قرم (في كتابه "لبنان المعاصر: تاريخ ومجتمع"، ص ٢١٩، الطبعة الفرنسية، لا ديكوفيرت، ٢٠٠٥)K ولا ترى في الحرب سوى شيء "مجرم" وخالٍ من التفاصيل.
تقع هذه النظرة أيضاً في تقليد خدمة مصلحة الميليشيات، لكن في مرحلة صعودها في التسعينات، هي الحاكمة والعاملة على محو ماضيها الحربي، على وزن "عودة الجمهورية من الدويلات إلى الدولة". هكذا أصبح يصح الكلام عن "الطوائف" التي تتصارع (وهو غير الكلام عن "الطائفية")، و"الطوائف" التي تزايد على بعضها بعضاً، ليسهل استخدام هذا الكلام حتى عند بعض الشيوعيين، هذا إن لم يوصف بالجرأة (ينظر في أصول هذا التعبير التحليلي والتحذير من نتائجه في كتابات مهدي عامل ومناقشاته في ضوء إنتشار هذا المنحى التحليلي في الثمانينات، وتبديله "مشتقات" الفكر الماركسي الفكرية. التبديل الذي حذر منه مهدي في تعبير "إستبدال ماركس بإبن خلدون").
هذان الصنفان من المنطق، وبالرغم من تخاصمهما السياسي، يلتقيان في النظر إلى المجتمع اللبناني على أنه مؤلف من جماعات. يفذلك كل صنف نظرته بحكم تفاصيل موقعه ودربه الاجتماعي، لكنه لا يزيح عن هذه النظرة، عن جوهرة الناس. فالسياسي الهامشي والصحافي الليبرالي، أو الفنان "المنادي بحريته" وبتمايزه عن "المثقف العضوي"، وغيرهم من النماذج "المستوية"، على قول أحد منظريهم في المنابر الإعلامية للصف الحريري، سيتشاركون النظرة العنصرية تجاه الشعب، ويسمونه في بعض تجلياته (عندما يتظاهر أو عندما يصوّت) بـ«الأهل»، أو "الريفي"، أو "الخميني". أي شيء يفرّقه "جوهرياً" عنهم وعن نظرتهم إلى أنفسهم التي يريدونها خاصة بهم، مميزة، "مدنية" على حد قول المثقف العضوي اليميني زياد ماجد، وربما "خلاقة"، بمنطق إيديولوجيا مهنهم الثقافية ومواقعهم البورجوازية الصغيرة (يحلو لبعضهم "الشغوف" إضافة صفات "الغوغاء" و"الحثالة" و"العالم الثالث").
هذا الصنف لا يختلف كثيراً من حيث المنطق، وربما من حيث الموقع، عن منتقده اليساري، أو العربي الممانع، أكان سياسياً هامشياً، صحافياً أو فناناً يتكلّم في لحظات تشاؤمه عن "فدرالية الطوائف" أو عن "مشيئة الطوائف". وهو بذلك يتخلّى، غالباً عن غير قصد ووعي، عن العمل السياسي بين الناس لمصلحة الأحزاب الميليشيوية التي صادرت أصوات الناس لتقيم "الفدرالية". وهو بقوله "بالطوائف" يرفض التفريق بين قيادات حزب وناشطيه ومؤيديه من الجمهور العام، ويخلق حاجزاً فكرياً بينه وبين فهم هذا الجمهور بشكلٍ أعمق، ما ينطبع حاجزاً بين خطابه وهذا الجمهور. في هكذا لحظات يبرز هذا الصنف من الناس حقيقة بؤس موقعه: مستسلمٌ للقوى السياسية المهيمنة ومسلّمٌ لها أمور السياسة وملتزم شروط اللعبة التي فرضتها، وملتزمٌ في معتقداته حدود النقد التي تسمح له بها بما هي "مواقع نقد" تغلب فيها "الموقعة" على النقد (تسمى في ما يخص الصحافيين "حريات الصحافة"، وهي كل شيء ما عدا "حرة"، وما هذا الوصف الأخير إلا حجة لتبرير تحريض بعضهم الطائفي وإختلاق الأكاذيب)، ما يفسر لبعضهم "غشاوته" و"اكتفاءه" بقدسية المقاومة: فكرة سهلة الإبتلاع والتماشي "الأخلاقي الثقافي" (الرومانسية أو الوجدانية أو حتى "الما بعد الحداثية") معها، فيما البلاد تتعرّض للنهب. في هذه الظروف، يسهل انزواء هذا الصنف في شيء ليس ببعيد عن العنصرية الطبقية تجاه فئات الشعب من غير السياسيين والمثقفين، وأخصها الفئات المنتمية إلى البورجوازية الصغيرة "المسيحية" في حال مثقفي "المنطقة الغربية"، فلا يعترف لصوتهم بالشرعية إلا إذا كان هذا الصوت "جوعاناً" و"عطشاناً" و"ممزق البنطال" وغيرها من الصفات التي اختبرها بعض أعضاء هذا الصنف في الكتب، وليس في المخيمات التي سكت قسمهم الكبير عن قصفها، أو في المظاهرات المليونية التي جعلها البعض "كرمال عيون الشهيد" والزعماء، إحتقاراً أو تساهلاً، ولم يرها كردٍ على خمس عشرة سنة من الجمود السياسي الرديء. أي، لا يرى أعضاء هذا الصنف أصوات الناس إلا إذا كانوا "لا صوت لهم" في الحقل السياسي، لا مطلب لهم يؤثر بموقع رئاسة المجلس النيابي أو بالمنحى التعسفي لسلوك المؤسسة العسكرية، وإلا إذا أمكن إرجاع قضاياهم إلى "التشاؤم العادي من البؤس العام": هذا البؤس الذي قرأ فيه جوزيف سماحة، في حال الصحافة، حجة الفاسدين من الصحافيين في تبريرهم انتهاجهم الطريق الفاسد والارتزاق عند الحريري.
والملفت في الصنف الثاني، الموالي لحزب الله في السياسة، أنه، في ما يخص أبرز أقطابه، وصل إلى هذا الرأي نتيجة قمع أمني وعسكري، مورس عليه إبتداءً من الثمانينيات، في نفس الوقت الذي مورس فيه على حزب الله. وهو يشترك وحزب الله إختبار تسليم البلاد في أوائل التسعينات لرفيق الحريري، والإمتياز الذي لاقاه هذا الأخير عند فريق الإدارة "السورية" للبنان. وهذا الموضوع ليس بالتفصيل، في تكوين علاقات "تلاقٍ إيديولوجي" بين أعضاء هذا الصنف وقيادة حزب الله: أي علاقات مكونة من أفكار ومعتقدات مشتركة لا يناقشها كلٌ منهم عند الآخر، لإدراكه ظروف الآخر في بعض المواضيع، لا بل لمشاركته والآخر النظرة نفسها إلى هذه الظروف، بالرغم من الاختلاف بينهما في الإمكانات والمواقع. وكغيرها من الأيديولوجيات، تعمل هذه الايدولوجيا على إخفاء ظروف نشأتها وعلى إظهار معتقداتها على أنها "طبيعية" بتناقضٍ مفضوح أمام من فلت من تطويع هذا القمع: هكذا يقولون في قاموسهم عن ظروف تموضعهم السياسي أنها "مصيرية"، حتى في الأحلاف الإنتخابية في وجه إلياس أبو رزق أو البطل أنور ياسين، وكأن المصير مكون فقط من هزيمة العدو. لكن وحده إستذكار نشأة هذه الايدولوجيا يعيد، في حال هؤلاء، الحق الكامل لتقييم صحيح لموقعهم في بنية النظام الإجتماعي في لبنان، وبالتحديد في الحقل السياسي: نشأة سياسية تكونت من انقلابات داخل الحزب السوري القومي الإجتماعي، وقمع عسكري للحزب الشيوعي واليسار، وترحيل للبعثيين "العراقيين"، و"إنقلاب على الطائف" لباقي الطبقة السياسية، إلخ. هي بذلك تبرز كايدولوجيا تصالح حاملها مع موقع تبعي، أو اقله دوني، في نظام السلطة في لبنان، من دولة ومؤسسات إدارة وتوزيع الثروات، أمام الموقع الأعلى للنادي شبه المغلق لرؤوس الكتل النيابية الذين صيغت القوانين الإنتخابية على قياسهم: ايديولوجيا محافظة تتماشى وتعليمات الايديولوجيا المهيمنة وتكاد تكون ملحقتها الضرورية لمصالحة تناقضات النظام اللبناني الداخلية ومنع "إنفجاره"... أو تطوره لمصلحة من هو خارج الطبقات المهيمنة، بمن فيهم أعضاء هذا الصنف من المعلقين على سلوك حزب الله. هي تأخذ مكان الآخرين، وهي بذلك ايديولوجيا مصادرة الصوت الشعبي: تتجلى هذه المعادلة في أفضح اشكالها عندما يتمرد احدهم، أو يبدو التمرد، على النظام القائم فلا يحسب له حساب عند من هم الأقرب إليه عقائدياً. هي حال سكان المخيمات الفلسطينية والصحافة العروبية أيام "حرب البارد" على تنظيم فتح الإسلام الذي يكاد ينتمي عناصره إلى كل الجنسيات ما عدا الفلسطينية. كما تتجلى في حالات صعودٍ سياسي، مثل إنتخابات الأحزاب الداخلية: كالحزب الشيوعي اللبناني ومعضلة المجلس القيادي القديم.
ايديولوجيا الاستتباع، وهي ايديولوجيا انهزامية لأنها تعني أناساً قمعوا في طموحاتهم، برهنت في الأزمة الأخيرة أن طورها الايديولوجي المحافظ أصبح كاملاً، في بروز تناقض منطقها الداخلي، الذي يرى حزب الله من زاوية رومانسية وجدانية ويفشل في التماس التحوّل الذي مرّ به الحزب في التسعينات وجعل منه حزباً محافظاً، من أركان النظام القائم المهدر للثروات، له أكثر من عشر نواب ولكتلته النيابية دور وآداء: الحزب الذي يرشح حسين الموسوي عن مقعد بعلبك ويدعو لحكومة وحدة وطنية مع من قدّم الشاي للعدو في ٢٠٠٦، هل هو نفسه الحزب الذي برزت أول خيوطه من إنشقاق قام به حسين الموسوي نفسه على حركة أمل في ١٩٨٢، لرفضه مشاركة الحركة "طاولة حوار" مع بشير الجميل تحت رعاية إلياس سركيس؟
طبعاً لا نعني هنا أن سياسة حسين الموسوي وحزب الله لاحقاً في الثمانينات كانت الأنسب للنهوض بمقاومة قوية ومعززة، "بمقاومة تحمي وطن يحمي مقاومة" كما تقول اليافطة، لكن، وبموضوعية، يجب اقله الإفتراض أن سياسات الحزب الامتصاصية للنظام اللبناني، ربما جاءت على حساب أشياء كثيرة، أكثرها ظهوراً راديكالية الحزب الإسلامية. والحساب عاد لمصلحة احدهم، أغلب الظن أنه "الطبقة الحاكمة" التي ولّدت اخطاؤها حزب الله وغيره في الأصل.
* باحث لبناني