يبدو أن فكرة تعديل المرحلة الثانية من جسر المطار، عبر تمديد وصلته إلى ما بعد مسجد الغبيري، لن تمر مرور الكرام، إذ علت صرخة أهالي المنطقة، من أصحاب محال، مالكين ومستأجرين، وسكان الأبنية التي تقع على جانبي الطريق وفي محيط ساحة الغبيري، والذين يرون في الجسر الطائر فوقهم تهديداً حقيقياً لمصالحهم، وخصوصاً أصحاب محال أكسسوار السيارات التي تعدّ بالعشرات في تلك المنطقة
منهال الأمين
ينطلق تجار ومالكو ومستأجرو العقارات الواقعة في ساحة الغبيري ومحيطها، في بيان أصدروه، من أن مشروع تعديل المرحلة الثانية من جسر المطار، ليس مؤاتياً لرياحهم. هكذا رأى هؤلاء أن تعديل الجسر ليخترق الساحة باتجاه المشرفية (خط واحد) «يلحق الأذى المباشر وغير المباشر بالناس هناك»، وخصوصاً أن دراسات سابقة أثبتت «عدم جدوى هذا التعديل، وبأنه غير ممكن لضيق الطريق ولكون الفائدة المرجوّة منه أقل بكثير من المضارّ الناتجة منه».
وفي الأمر فعلاً نظر. هكذا ترى ميرفت الخليل (صاحبة صيدلية) أن الجسر «يلامس المنازل، بل يكشفها، إضافة إلى أنه يشوّه المنطقة ويقطع أرزاقنا ويضرّ بممتلكاتنا»، محذّرة من «تجربة فاشلة بيئياً واقتصادياً نرى أمثلة عليها في بيروت وضواحيها كما في الحازمية، طريق المطار، البربير، برج حمود». ودعت البلدية إلى إيجاد حلول أخرى لمشكلة السير التي «تسبّبها الفانات التي لا مواقف أو محطات أساسية لها». ومن هذه الحلول «تأمين مواقف للفانات وللسيارت باشتراكات شهرية».
يرفض أحمد عاطف شرارة فكرة الجسر الطائر فوق ساحة الغبيري، حيث يقع محله للأدوات الكهربائية، معتبراً أنه «يطرد الزبائن من المنطقة التي يقصدها الناس من كل لبنان، وهو ما سينعكس سلباً على إنماء الضاحية عموماً». وإذ سأل: «هل هذه بقعة موبوءة حتى يتجنب الناس المرور فيها؟!»، تمنى العدول عن الفكرة والتشاور مع التجار والمعنيين بالضرر المفترض من الجسر «فنحن دفعنا أثماناً غالية في كل المراحل، من الحرب الأهلية إلى حروب إسرائيل، وخصوصاً عدوان تموز. وفي كل مرة كنا ننهض من جديد، فهل يريدون تحطيمنا؟». أما حسين الشرقاوي (تاجر قطع سيارات) فيرفض المشروع بالمطلق، معللاً ذلك بضيق الطريق أولاً، «ولعدم تمكن السيارات من التوقف بسهولة أمام محله للصيانة أو الشراء». ولكن، ماذا عن عدم شرعية حجزه للرصيف لهذه الغاية؟ يجيب بأنه ربما يستفيد من «غض النظر» عنه، إلا أن هذا لا يبرر أن يكون الجسر «سبباً في خراب بيوتنا». كذلك عماد فرحات (تسجيلات) اشتكى من عدم التعويض على المحال رغم العطل والضرر اللذَيْن سبّبت بهما الأشغال لتوسعة الطريق تمهيداً لزرع قواعد للجسر «ثم يريدون إكمال البوكس بتحويل السير من أمام محالنا لنصبح مدعسة للسيارات المارة فوق رؤوسنا!». ويؤكد فرحات أن التجار لم يدركوا حتى الساعة أين سينتهي الجسر، سائلاً عن جدواه «مع أن المنطقة لا تعاني من أزمة سير خانقة وخصوصاً بعد إنجاز جسر الحازمية، وعندما يفتح الجسر من دار الإفتاء الجعفري باتجاه شاتيلا سيتقلّص الضغط عن المنطقة أكثر فأكثر». ويؤيد هذه الآراء الكثير من المواطنين، علماً بأن معظم هؤلاء لا يعارضون تنفيذ الجسر وفق المخطط الأساسي، أي قبل ساحة الغبيري، وهو ما سيؤدي إلى أزمة سير عند الساحة.
هناك بعض المالكين ممن استملك مجلس الإنماء والإعمار كل عقاراتهم أو أجزاء كبيرة منها، ولم يحصل بعضهم على تعويضاتهم المقررة لعدم قدرتهم على دفع الضرائب المفروضة عليهم (مالية ـــــ بلدية ـــــ TVA...) والبالغة تقريباً 20% من المبالغ المستحقة لهم، والتي حوّلها مجلس الإنماء والإعمار بدوره إلى سندات خزينة مؤجلة إلى 2010، وفق ما يؤكده قاسم عجمي (تاجر ألبسة)، الذي أبدى ترحيبه بإنشاء الجسر، رغم أن الأشغال كلّفته أكثر من نصف مساحة محله، مشيراً إلى أن «قاصد المنطقة للتبضّع أو التصليح لن يمنعه شيء من سلوك هذا الخط لشراء حاجاته».
وفيما اقترح البعض حفر نفق بدل الجسر، مع أن النتيجة نفسها لجهة تحوّل السير «إلا أن هذا أفضل للمباني السكنية ولجمالية المنطقة»، انتقد عجمي بعض المالكين الذين رفضوا المشروع «غير آبهين بالمصلحة العامة المتوخاة منه»، فيما «يحلّ أزمة السير على ساحة الغبيري وتقاطع جسر المطار السابق»، لافتاً إلى أن «السيارات المتجهة إلى المشرفية لن تكون مضطرة إلى سلوك هذا الخط بعد إنجاز الجسر».
ويطمئن رئيس بلدية الغبيري محمد سعيد الخنسا المعترضين إلى أن لا شيء محسوماً حتى الآن، سوى ما يندرج في المرحلة الأولى، أي وصول الجسر إلى ما قبل ساحة الغبيري. أما موضوع التعديل فمرتبط بالدراسة التي يعدّها مجلس الإنماء والإعمار، وعلى ضوئها سيتقرر الوضع النهائي لخطة الجسر، «مع الأخذ بالاعتبار ملاحظات المعترضين ومصالح المواطنين». إلا أن الخنسا لا يجاري المعترضين في عدم وجود أزمة سير في المنطقة «وإلا، فلماذا تم حفر النفق وأزيل الجسر القديم؟»، معتبراً أن «كل مشروع يلقى اعتراضاً عادة من المتضررين، ولكن الأولوية هي للمصلحة العامة قبل كل شيء»، ومع هذا «فإننا عندما تجهز الدراسة سنتشاور مع أهالي المنطقة، وإذا تبين أن ضرر المشروع أكثر من نفعه فلن نمشي فيه، ونلجأ حينها إلى اجتراح حلول أخرى». ونفى أن يكون قد تلقى أي اقتراح أو اعتراض رسمي من المعنيين، حول الموضوع «باستثناء بعض المراجعات التي وعدنا أصحابها بالأخذ باعتراضهم»، مشدداً على «عدم التعاطي مع ملف الإنماء بخلفية حزبية أو انتخابية، وفق منطق الوساطات والمحسوبيات، بل وفق ما يقتضيه إنماء المنطقة ورفع مستوى الخدمات فيها».
وبحسب نائب رئيس بلدية حارة حريك، أحمد حاطوم، فإن مخططات مجلس الإنماء والإعمار لهذه المشاريع، من دون تأمين الاعتمادات اللازمة للتنفيذ، جعلت حركة الإنماء متعثرة، إذ دائماً ما يكون هناك تعديلات، فتُزرع قواعد ثم تزال، وتتكرر الحفريات في المنطقة نفسها، ثم يستغنى عنها بعد أن تكون قد أرهقت الناس وعطّلت مصالحهم.