دبي ـ ملاك خالدأولئك الأمهات اللواتي نفد صبر الصبر من عنادهن ولم يستسلمن. أوديت ورفيقاتها. أولئك الأمهات الجميلات اللواتي حفرت مشقة الانتظار وثقل الهم وجوههن، في بلاد تبارك القتلة حين تمكّنهم مجدداً من رقبتها ورقاب العباد، «ديمرقراطياً وحضارياً هذه المرة»، فيما تريح ضميرها باعتبار ضحايا جرائمهم وحروبهم قتلى يختلف نصف الناس على توصيفهم شهداء أو ضحايا. أبناؤكن يا أمهات العمر المخطوف إلى القلق والحيرات هم أجمل الأبناء، مهما يكن مصيرهم الحقيقي الذي لا يعرفه أحد سوى المجرمين الذين صنعوه. أبناؤكن يعرفون أنهم الأجمل والأغلى. فعلى مدى سنوات غابت فيها ضحكاتهم عن غرفهم، وروائح شقاوتهم عن زوايا قلوبكن، وتفاصيلهم عن روتين أيامكن، لم تكففن لحظة عن غزل خيوط الأمل حول كشف مصيرهم، إن لم يكن عودتهم. خانتكن الدولة وتجاهلكن السياسيون. تبرّأت منكن ذاكرة تريد أن تنسى، تكالبت عليكن أمور كثيرة بينما تابعتنّ بإصرار تأكيد وجود مدوٍّ في وجوه ضمائرنا حين سجلتنّ موقفكن: لم ولن ننسى. فالحقيقة التي تبحثن عنها هي الوحيدة التي لها كل مبرّرات الإصرار على الكشف عنها. أما نحن، الذين نتمنى شرف أن تحسبننا أبناءً اعتباريين لكنّ، فقد تعلمنا منكن يا جميلات الصبر أن لا مستحيل أمام الأمومة. تعلّمنا منكّن أنها ليست إنجاب الأبناء فقط، بل هي نضال يومي لأجل حقهم في الوجود كيقين. أبناؤكن، أينما ستلتقين بهم، هم أجمل الأبناء الذين انتظروا أماً، لم تخذلهن فاستحقّت دمعتين ووردة.