عمر نشّابةغداً يعلن المرشحون للانتخابات النيابية برامجهم الجديدة ويسقطون كلّ ما ورد عن ألسنتهم أخيراً. غداً يرفعون في وسط الشوارع لافتات تدعو الى احترام كرامات الناس... وربما يمشون معاً في طليعة تظاهرة جماهرية حاشدة تدعو للكشف عن مصير آلاف المخطوفين والمفقودين. وربما يمسك أحدهم بمكبّر الصوت لينادي بوقف التعذيب في مراكز التحقيق بينما ينافسه زميله مطالباً بالتحقيق في سرقة المال العام ونهب خزينة الدولة. غداً يحاسب الناخبون نوابهم والنواب الحكومة التي نالت ثقتهم، ويُسائل التفتيش الضباط والقضاة والموظفين.
غداً يجري رئيس ديوان المحاسبة جردة حساب شاملة. ولن يردّ القضاة على الهاتف. غداً يطردون السياسيين من مكاتبهم ويفتحون باب قصر العدل للجميع. وتنطلق الخطّة الوطنية الشاملة لإصلاح القضاء. غداً يبدأ تطهير المؤسسات من الفساد والمفسدين.
غداً يمتنع مرافق الوزير والنائب والزعيم عن شهر سلاحه بوجه الناس بحجّة الحماية. غداً يتوقّف الموكب الأمني السخيف عند إشارة السير، ويكفّ الضابط عن نفخ دخان السيجار في وجه أمهات الموقوفين وأولادهم. غداً ينزع المسؤولون عن الأمن الأوسمة والتذكارات الأجنبية عن جدران مكاتبهم.
غداً يخرج سجناء العالم السفلي الى الشمس، ويُطلق سراح الذين استمرّت الدولة في احتجازهم رغم انتهاء مدّة أحكامهم، ويواجَه الموقوفون الآخرون في المحاكم بالدليل الذي يكشف الحقيقة بعد تأمين حقّهم بالتشكيك فيها.
غداً تَمنح الدولة المرأة، مانحة الحبّ والحياة، حقّ منح الجنسية، ويُعدَّل قانون أصول المحاكمات الجزائية ليمنح حقّ الطعن بأحكام القضاء العدلي، وتنطلق ورشة تحديث قوانين العقوبات والعمل والأجانب وغيرها.
غداً يكون من يترشّح للانتخابات الرئاسية أو النيابية أو البلدية والاختيارية ومن لا يترشّح صادقاً مع نفسه ومع الآخرين. غداً ينهار هيكل الطائفية والمذهبية والعنصرية والمناطقية والفئوية والانحياز الأعمى للزعماء وحاشيتهم، وتنفضح شبكة الذلّ والعار التي تتحكّم بحياة الناس والدولة.
غداً... ربما، أو بعد غد، ولا حياة لمن يفقد الأمل... مهما ابتعدت الاحتمالات.