راجانا حميّةلم يسلم تجمّع «لأنهم أولادي جنسيتي حق لهم» الذي نظّمه اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة أمام مبنى وزارة الداخلية، من «العوارض» الانتخابية. حل الانقسام السياسي ضيفاً ثقيلاً أمس، فحوّل ما كان يُفترض أن يكون «قضيّة وطنية من أجل أمٍّ مظلومة»، إلى مناسبة لتجديد البيعة والولاء للسياسيين والمرشحين لمعركة السابع من حزيران. هكذا بدا التحرّك في أوّله، كأنّه مناظرة انتخابية بين «مناصرات» لـ«يلّلي خلّف ما مات» وأخريات «مع سوريا ع راس السطح». غير أنّ هذه «المناظرة» لم تدم طويلاً، إذ تكفّل المسؤول الإعلامي في اللقاء سمير دياب بفضّها صارخاً: «فضحتو الدنيا، قضيّتنا وطنية ما تسيسوها، مشكلتنا أكبر من الألوان».
مرّ القطوع الأوّل على خير. هدأت «المناصرات» قليلاً. عُدن إلى تفاصيل معاناتهنّ. تبارين في تمثيلها أمام مندوبي الوسائل الإعلامية. تلك والدة تعلّم مندوبة إحدى الصحف «شو لازم تكتب». تقول لها: «قولي إنه أنا أم لثلاثة أطفال لبنانيين وأربعة سوريين. تحدّثي عن معاناة والدة نصف أطفالها ولاد عالم والنصف الآخر مش عارفين كيف يعيشوا». تلك سيّدة أخرى لم يمنعها تعب أعوامها الثمانين من الوقوف تحت شمسٍ لاهبة للمطالبة بحق بديهي لإبنةٍ بات لها من العمر 48 عاماً. لم تترك الأمّهات تفصيلاً، ولو كان طفيفاً، هناك في قلوبهن. نبشن كل شيء، بدءاً من «المرمطة» في أروقة مراكز الأمن العام من أجل ورقة إقامة لأطفالهن التي يطلقون عليها اسم «إقامة المجاملة»، مروراً بالوساطات عند المرشحين، وصولاً إلى الاعتصامات على أبواب الوزارات، التي لم تنتج إلى اليوم قانوناً يعطي ابن اللبنانية حقه بجنسية أمه. وقفن ساعة كاملة تحت أشعّة الشمس. لم يأت الخبر من الوزارة عمّا إذا كان الوزير سيستقبل الوفد أو لا. انقسمن مجدداً، لكن هذه المرة ليس انقساماً سياسياً... بل عاطفي: بين داعم للوزير ومستاء من تصرفه، «إذ تركنا في الباحة بعين الشمس». ما هي إلا دقائق، حتى أرسل الوزير مندوباً لاصطحاب 10 أمهات لإطلاعهن على آخر تطورات مرسوم القانون الذي رفعه الأسبوع الماضي إلى مجلس الوزراء.
قطوع آخر يمر. تصعد الأمهات إلى مكتب الوزير. تتكفل ممثلة الوفد عزّة الحر بشرح المعاناة، «من أوّل وجديد». وخلال اللقاء، طلبت النساء من الوزير الضغط لوضع مشروع القانون على جدول أعمال مجلس الوزراء، تمهيداً لرفعه إلى مجلس النواب وإقراره. كذلك ناشدت الوزير إصدار تعميم يوجهه إلى الأمن العام، يقضي بفرز مكان مخصص لأبناء الأجانب لتسهيل معاملاتهم، إضافة إلى معاملتهم مثل اللبنانيين.
وكانت عضو اللقاء المحامية وفيقة منصور قد زودت الوزير البيان الذي تلته أمام المعتصمات في الباحة الخارجية، ويدعو البيان الدولة اللبنانية إلى رفع التحفظ عن الفقرة الثانية من المادة الـ9 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تنص على أن تمنح الدول الاطراف المرأة حقاً مساوياً للرجل بإعطاء الجنسية لأولادها إذا كانت متزوجة أجنبياً. أما رئيسة لجنة حقوق المرأة اللبنانية ليندا مطر، فلفتت إلى أنّ هذه اللقاءات مع الوزير لمنع استثناء الأم المتزوجة بفلسطيني من إعطاء جنسيتها لأطفالها، مستبعدة إمكان إحراز تقدم قبل الانتخابات. وأعلنت أنّ اعتصاماتنا تتركز على إقرار جنسية للأطفال «دون الرجال الأجانب، لأن مشكلة هؤلاء أصعب وتحتاج إلأى قانون تجنيس لا يمكن الخوض فيه حالياً». وكانت المناطق قد شهدت تجمعات مشابهة للقاء الوطني. وقد قدّم المشاركون مذكرات بالمطالب لمحافظي الشمال والبقاع والجنوب والنبطية ولقائمقام بعلبك.

نشاط السرايا الحكومية
عند الرابعة من بعد ظهر الثلاثاء المقبل، ستكون الأمّهات على موعدٍ مع تحرّك مطلبي تنظّمه حملة «جنسيتي حق لي ولأسرتي» أمام السرايا الحكومية. ويأتي هذا النشاط في إطار «الضغط بغية إدراج مشروع تعديل قانون الجنسية أمام مجلس الوزراء وإقراره سريعاً بما يضمن حق النساء اللبنانيات بمنح جنسيتهن لأسرهن بدون استثناءات».