أمس، غادر تلامذة مدرسة سان شارل عالم الواقع باتجاه الأساطير، مع مسرحية أدونيس وعشتروت وعدد من اللوحات الراقصة، قدّمها أطفال من ذوي الحاجات الخاصةسمية علي
في مقهى عشتار المستحدث داخل أحد الصفوف، جلس تلامذة مدرسة سان شارل في الأشرفية، برفقة زملاء لهم من مدرسة إيراب (Irab) لذوي الحاجات الخاصة. هناك حلّوا ضيوفاً على جبيل، التي زاروها افتراضياً، من خلال المسرحية التي جسّدت أحداث أسطورة «أدونيس وعشتروت». وقد أتت هذه المسرحية ضمن عروض «مهرجان المقاهي الحكواتية» الذي نظمته جمعية DEFILIBAN مع عدد من المدارس.
بدأ العرض المسرحي بأغنية قدمها تلامذة، بدوا في الأزياء التي ارتدوها كفينيقيين صغار. غنّوا «نحنا بالصمت كتبنا ووعينا الكون»، وبأيديهم رسموا بعض الأشكال التي تدل على الأبجدية الفينيقية. أما خلفهم، فكانت تظهر على الحائط بعض الصور التي تسلّط الضوء على المواقع الأثرية العريقة في مدينة جبيل.
بعد أن انتهت الأغنية، دخلت التلميذة مريم حجازي التي أدّت دور الحكواتي، فروت للجمهور أحداث قصة الحب التي جمعت بين أدونيس وعشتروت على ضفاف نهر إبراهيم. «وهكذا أعاد أدونيس عشتار إلى الحياة بقبلة ملؤها الحب». بهذه الكلمات ختمت الحكواتية مريم قصتها، لتغادر مع أدونيس وعشتار المسرح، فاسحة المجال لأطفال مدرسة Irab الذين أدّوا لوحة فولوكلورية راقصة. لم تمنع الإعاقة الأطفال من التعبير عما يتمتعون به من مواهب. فعلى الرغم من عدم قدرتهم على سماع الموسيقى، تمايلت أجسادهم الصغيرة ببراعة أذهلت الحاضرين.
بعد انتهاء النشاط، عبّر رواد المقهى، تلامذة وأساتذة، عن إعجابهم بالعرض المسرحي، واصفين إياه بدرس تاريخي امتزجت خلاله المتعة بالفائدة. عبّرت التلميذة سيلين عواض عن إعجابها بالعرض المسرحي الذي «أغنى ثقافتي التاريخية، وخصوصاً فيما يتعلّق بمواقع جبيل الأثرية». أما زميلتها ليندا فغالي، فقد شاركت في كتابة النص المسرحي بعد أن اطّلعت على بعض المحطات الأساسية في تاريخ جبيل. «كانت هذه تجربتي الأولى في الكتابة. إنه أمر رائع أن نعبّر عن آرائنا وأحلامنا بالكلمات»، تقول.
وراء الكواليس، يأخذ أبطال العرض المسرحي استراحة قصيرة. من بينهم، تصف ماريا داغستاني، التي أدّت دور الراقصة، تجربتها المسرحية الأولى بالـ«رائعة»، متمنية أن تؤدي أدواراً أخرى في نشاطات لاحقة. تقترب ميسا مزهر من صديقتها وتخبرها بأنّها كانت تشعر بالخوف قبل بدء المسرحية، أما الآن فهي مرتاحة، وخصوصاً بعد أن سمعت من معلمتها كلمات الإطراء بشأن أدائها. تبتسم أمل ثابت، إحدى المدربات، لكلمات تلميذتها، ثم تروي كيف «عمل التلامذة لمدة شهرين. بدأوا بالاطلاع على عدد من الكتب التي تروي تاريخ جبيل، ثم وضعوا أفكارهم في نصوص جمعت في نص مسرحي»، لتضيف أنّ المشهد النهائي للمسرحية المتمثل بعودة عشتار إلى الحياة بقبلة من أدونيس، كان «بناءً على اقتراح إحدى التلميذات». أما بالنسبة إلى أهداف النشاط فتقول مارغريت خياط، إحدى المنظمات، «الهدف الأساس هو تنمية مهارات التلامذة عبر دفعهم إلى كتابة نص المسرحية، إلى جانب إضافة معلومات جديدة عن المناطق الأثرية في لبنان». وقد أشارت خياط إلى أنّ التعاون مع Irab حقق نوعاً من الاندماج بين التلامذة وذوي الحاجات الخاصة.