ملاك وليد هذه بلادي، وتبقى رغم كل التواريخ المعمدة بالدم بلادي. الأجمل والأشهى والأغلى، بلاد «الكل شبر بقبر». ترقص روحي على وقع «واللوزة والأرض وسمانا، هو هني بلدنا وهوانا»، أحتفل ملء حواسي: الشوكولاته إلى جانبي، و«الكيبورد» تحت أصابعي، بينما أستعيد في خلفية رأسي، بالصوت والصورة، مشاهد الحرب التي لطخت الوجود بكل ذلك الدم الذي لن يبرد.
أفلفش صفحات النت، نحن منكوبون، وإسرائيل تحتفل بذكرى قيام الدولة مباركة بزيارة الحبر الأعظم. المفارقات كلها تجعلني أفكر: كم ينسى المحتل!
ينسى أنه ترك أكبر دلالة على جريمته: ذاكرتنا. ينسى أن بشاعته تولد فينا نقيضها: جمالية أن نحب الحياة، ولو كوسيلة دفاع ضد الاحتلال فقط. بعد يومين من الآن، تعود ذكرى «فرك مناخير» العدو الذي نكبنا مرات، وننكبه اليوم ألف مرة لمجرّد أننا لا نزال أحياء. نعد سنين الغياب ونقول: «اقتربت عودتنا نهاراً»
أمد لساناً طويلاً بوجه كل صهيوني يترصد ذاكرتنا وغدنا.
ارفعوا أعلامكم، نرفع صوت ضحكاتنا.
علوا أسواركم حولنا، نعلي رقابنا.
اكرهوا الإنسان فيكم وفينا أكثر، نحبه نحن أكثر.
خلال 61 عاماً، بحثتم عن أمان زائف يحرّركم من ثقل خطاياكم بحقنا، و61 عاماً نبحث نحن عن أقصر طريق لتخفيف وطأة عذاباتنا، ما مرّ منها وما سيأتي.
لن تأمنوا، ففينا من يتذكر 25 أيار، ويعد عدة الحرية المقبلة. فينا من يقف متأهباً ليحمي نصر 25 أيار وليعدّ سنين الفرح الآتي. ذاكرتنا التي صنعتموها بكل هذا الحقد الذي يجعلنا أكثر تشبثاً بالحياة هي لعنة عليكم.
فبعد كل هذه السنين، عجزتم عن محو اسمها الوضاء فينا. اسمها «فلسطين»، وهزيمتها فينا هزيمة للإنسان. اسمها فلسطين، ولقبها الشرعي: عنوان المستحيل.