يمكن اعتبار فريقي الموالاة والمعارضة، متساويَين من ناحية المبدأ، في ملء الطرقات بالشعارات الانتخابية. لكن، في السياق نفسه، واستناداً إلى تقارير أمنية، فإن مناصري الفريقين يتسابقون إلى الاعتداء كلٌّ على لافتات الآخرأحمد محسن
تطوّرت «الاعتداءات الانتخابية» من الحرق، والإشكالات المتنقّلة، بين مناصري الموالاة والمعارضة، إلى أشكال أكثر فكاهةً حيناً، وأشدّ فتكاً بالأمن حيناً آخر.
من ناحية الفكاهة، صار بعض مناصري الفريقين، من غير المبالين بالأمن، يستعملون مواهبهم في الرسم بالبويا، أو يضعون أشرطة لاصقة، على بعض الصور. ولم يسلم الأمر من استعمال الألفاظ النابية، خلال الأيام القليلة التي خلت، وقد تجلّى ذلك واضحاً في منطقة الرملة البيضاء، قبل يومين، حين قام أحد الأشخاص بكتابة بعض العبارات النابية، على لوحتين انتخابيّتين تابعتين لتيار المستقبل.
الأسوَد يلاحق اللافتات الزرقاء
تنتشر لافتات تيار المستقبل، في بيروت، أوّلاً، وتالياً، على امتداد مساحات متعددة من الوطن، حيث يوجد تمثيل سياسي للتيار غالباً، لكن هذه اللافتات لم تسلم، حتى في صيدا، من رغبة البعض في التخريب. وعلى ذمة تقارير أمنية، فقد تعرضت صورة للرئيس الحريري للاحتراق في الثالثة فجراً، داخل غرقة قديمة العهد، على عكس الوجود السياسي للتيار في صيدا، الذي يفوقه في القدم وجود التنظيم الشعبي الناصري، الذي كانت صورة رئيسه، النائب والمرشح الحالي أسامة سعد، إلى جانب صورة الرئيس الحريري المحترقة. عملت قوى الدفاع المدني على إخماد الصورة، فيما لا تزال نار التوتر آخذة في الاشتعال. أما في المقاصد، في العاصمة، فاستقرت بعض الشتائم على لوحة السماء الزرقاء المعتادة، التي أصبحت محط تجاذب إعلامي على شكل مزاح مملّ، بين قادة 8 و14 آذار. وقبيل منتصف الليل بقليل، وصل «رتل» من الدراجات النارية، إلى أبواب معقل تيار المستقبل، في طريق الجديدة، وقام أحدهم برمي موادّ حارقة (كما ذكرت تقارير أمنية) على لوحة «ما منتركك والسما زرقا» الشهيرة، فاحترقت بالكامل، فيما لاذ الفاعلون بالفرار. وفي منطقة المصيطبة، استُعملت عبوّة بخاخ لرش بعض الكلمات النابية على الشعار نفسه، أما في زحلة، ففضّل المخرّبون كتابة «عملاء إسرائيل» باللون الأحمر، على اللافتة نفسها. ويمكن اعتبار هذه المدوّنات البذيئة، إذا صحّ وصفها بذلك، قياساً إلى «الكوماندوس» الذي نفّذها وقوامه 20 ملثّماً. في منطقة جسر الرينغ في بيروت، أوردت تقارير أمنية، أن ملثّمي خندق الغميق، هاجموا لوحة مثبّتة طولها 20 متراً، وعرضها سبعة أمتار، وأحرقوها بالزجاجات، كما قطعوا الطريق عند مدخل مبنى مديرية الشؤون الاجتماعية، بعدما أضرموا الناس في مستوعبات النفايات، واستمروا في فعلتهم حتى حضر الجيش اللبناني، ولاذوا جميعاً بالفرار.
حصّة المعارضة
يتمكّن محرقو اللافتات الانتخابية من الهروب في أغلب الأحيان، إلا أن الأمر مختلف حين تتطوّر الأمور إلى عراكات. وفي هذا الإطار، ذكر تقرير أمني، أن المواطن خالد ع. ادعى على مواطنين من بلدة كفرشوبا (محمد، كمال، وأحمد، جميعهم من عائلة واحدة ومن مناصري تيار المستقبل)، بتهمة ضربه على خلفية مناصرته لحزب الله، وقد نُقل إلى مستشفى مرجعيون في حالة طارئة. كان هذا في الجنوب، أما في بيروت، فكما في حالة تيار المستقبل، نال قادة المعارضة حصتهم من الشتائم والكلام النابي. حدث ذلك في منطقة الأشرفية، قرب جادة شارل مالك، كما أكدت التقارير نفسها. وقد تابعت النيران أكل الصور. في البدّاوي، أحرقت صورة للنائب السابق صالح الخير. وفي حالة مماثلة، يبدو أن صورة النائب جورج عدوان، أزعجت البعض في منطقة الشويفات، حيث يتمتّع الحزب التقدمي الاشتراكي بنفوذ ملحوظ، فمزّقوها تماماً. وفي زحلة أيضاً، في بلدة أبلح تحديداً، لم يرُق مناصري الموالاة أن يمزّقوا صورتين فقط للنائب إيلي سكاف، بل استعانوا بالطلاء الأخضر، ليطلوا به الصورتين المثبّتتين على سطح إحدى محطات المحروقات. وفي البلدة نفسها، كلّف بعض المخربين أنفسهم عناء الصعود إلى شرفة منزل أحد المواطنين، وطلوا بالطريقة نفسها، صورة العماد ميشال عون الموجودة على شرفة منزل المواطن، أي ملكه الخاص. جاء ذلك في تقارير أمنية، وجاء أيضاً، في ما يتعلق بالتيار الوطني الحر، الذي يتعرّض لحملة هو الآخر، أن مكتبه في منطقة المنصورية، تعرّض للرمي بالحجارة والزجاجات الفارغة. وبعيداً عن المنصورية، كانت بلدة الشيخ محمد في عكار، تشهد اعتصاماً لعدد من مناصري التيار الوطني الحر، قرب صورة تعرّضت للحرق، الذين غادروا من دون أي إشكالات تذكر. بيد أن الإشكالات لا تعرف توقيتاً، وقد تندلع في أي لحظة، حين يطفح كيل الجميع، وخصوصاً أن هذه الاعتداءات «الخفيفة» تزداد تدريجياً، ولا تعرف مكاناً واحداً لحدوثها.

عدوان متكرّر على عدوان
أوردت تقارير أمنية، وللمرة الثانية في أقل من أسبوع، أن صورة النائب الحالي، والمرّشح عن القوات اللبنانية، جورج عدوان، قد تعرضت للتمزيق في منطقة خلدة، علماً بأنها موجودة على لوحة إعلانية. وهي الصورة الثانية التي مُزّقت في المكان نفسه قبل أسبوعين، مما يُظهر الصورة، هدفاً للبعض في المنطقة.