بيار الخوري«ما بيرجعوا والسما زرقا». «الاستقلال الثاني»، وغيرهما من شعارات انتخابية تجييشية لا تمت بصلة إلى أي منطق انتخابي. كأننا في حفلة جنون مكانها جميع أصقاع البلاد وهدفها ضرب المقاومة من خلال تخويف الشارع اللبناني، ولا سيما المسيحي، منها، عنوانها: حاربوا الدويلة والتابعين لها. أما الجانب الآخر، أي الأقلية النيابية، فيعيش حفلة جنون صاخبة هو أيضاً، مخرّب للعقل والنفس المسجونة داخل أقبية الرعب الطائفي، مكانها كل بقعة من تراب البلد، هدفها سحل الشجاعة والوثب الإيجابي نحو الآخر وعنوانها استرداد الحقوق المهدورة لطوائف ما كانت يوماً عاملاً مساعداً على قيام دولة.
لا يقدمون شيئاً سوى البعثرة الإنسانية في متاهات الخوف. إن الخوف يضع الإنسان تحت وطأة الانعزال والتقوقع. يحجّمه ليجعل منه مسخ إنسان. لا يقدمون إلا اليأس والإحباط. من هنا لا بد من ذكر مقطع من رواية «زوربا» للكاتب اليوناني الكبير نيكوس كازانتيزاكي: دعوا الناس مطمئنين. لا تفتحوا أعينهم. إذا فتحتم أعينهم فما الذي سيرونه؟ بؤسهم. دعوهم مستمرين في أحلامهم إلا إذا كان لديكم عندما يفتحون أعينهم عالم أفضل من عالم الظلمات الذي يعيشون فيه.
وأخيراً، لا بد من إعطاء نصيحة لهذه الأحزاب المملّة تُختصر بكلمتين «التزموا السكوت بالله عليكم».