تقدم اللواء جميل السيد بدعاوى قضائية في محكمة باريس الأولى لاستعادة حقوق انتزعت منه خلال مدة احتجازه تعسّفياً في لبنان لمدة ثلاث سنوات وثمانية أشهر، إذ وجّهت له اتهامات، لا بل صدرت بحقّه أحكام مسبقة بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس الحريري
باريس ــ بسّام الطيارة
قبل أن يتوجه اللواء الركن جميل السيد إلى مكتب نائبة رئيس محكمة باريس الأولى قاضية التحقيق المنتدبة فابيان بروس كي يقوم بخطوة «تأكيد الادّعاء» ضد مجهولين بجرم الافتراء ونسب جرائم إليه والقدح والذم والتشهير، جلس مع عدد من مستشاريه في مقهى على بعد أمتار من درج قصر العدل. وفي دردشة مع «الأخبار» أكّد السيد أن «ثقته بالقضاء الفرنسي كاملة لأنه لا مصلحة لهذا القضاء إلا في العدالة والحقيقة»، مضيفاً أن هذا السبب هو ما جعله يتوجه إلى باريس. وأعرب عن أسفه لأنه كان بوده أن يتوجه إلى القضاء اللبناني حيث «يوجد قضاة عديدون من أصحاب الأخلاق والامتياز، لولا القاضيان سعيد ميرزا وصقر صقر اللذان سوّدا هذا الوضع». ودعاهما إلى أن «يتنحّيا بعيداً لإبقاء سمعة وكرامة القضاء اللبناني». ورأى السيد أن «إنصافه لن يكتمل في باريس»، بل إنه يستعد لرفع دعوى في ألمانيا مع إمكان التوسع في الملاحقة القضائية لدى الأمم المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن وقائع الدعوى التي تقدم بها السيد تتضمن مقابلات تلفزيونية وصحافية اتهمه فيها الرئيس الأول للجنة التحقيق الدولية ديتليف ميليس بالضلوع في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، فضلاً عن دعوى ثانية تتضمن اتهاماً مماثلاً للسيد من السفير السابق جوني عبده.
بعد ساعتين ونيف، خرج السيد مبتسماً من مكتب القاضية، وصرح وكيله القانوني المحامي الفرنسي من أصل لبناني أنطوان قرقماز باللغة الفرنسية أن السيد أعطى القاضية «معلومات إضافية لاستكمال حيثيات الدعويين».
من ناحية أخرى، قارن السيد ما نشرته مجلة «دير شبيغل» بما «نشرته صحيفة السياسة الكويتية في الماضي». وجزم المدير العام السابق للأمن العام «بأن هذه المعلومات ليست من المحكمة، ولا تأتي من مكتب المدعي العام بلمار، بل إن مصدرها لبناني، وتحديداً من السلطة اللبنانية». ورأى السيد أن هذه الرواية، وبغضّ النظر عن مضمونها، سقطت بمجرد نشرها في المجلة الألمانية، لأن «بلمار ليس ميليس». وأضاف: «لقد أنهوا ما في جعبتهم حول الضباط الأربعة وسوريا، واليوم انتقلوا إلى حزب الله»، واصفاً الأمر بأنه «عصا غليظة تنتقل من مكان إلى آخر»، مشيراً إلى أن «التزوير الذي تم منذ بداية التحقيق هو هجمة تساهم بعدم توفير الظروف للوصول إلى الحقيقة في جريمة اغتيال الشهيد الحريري».
ورداً على سؤال عن الشاهد محمد زهير الصديق، أجاب السيد بأن «الصديق هو أداة، ومتى سقطت الرؤوس أمام القضاة سقطت الأدوات». وأكد السيد أنه ليس عاتباً على أي مسؤول فرنسي بسبب قضية الصديق، مستطرداًَ أنه إذا وجد المحامون أدلة تشير إلى تورط أحد بمسألة إيواء الصديق، خلافاً لقرار المحكمة الدولية، «فيمكن أن ينظر في أمر المسؤولية القضائية المترتبة على ذلك».
ورفض المحامي قرقماز الإجابة عمّا إذا كان يوجد حائل قانوني أمام استدعاء ميليس للتحقيق، إلا أنه صرّح بأن «هناك ترتيبات يعرفها القضاء الفرنسي» تحفّظ عن ذكرها. وعما إذا كانت توجد «إمكانية لاستدعاء سياسيين لبنانيين إلى التحقيق، أجاب قرقماز بأن «هذا السؤال من اختصاص لجنة التحقيق والمدعي العام، مؤكداً «أن للمحكمة الدولية صلاحية لدراسة أي دعوى ترفع لديها بقضايا تلفيق تهم والتلاعب بالشهود».