أيمن القادريمن المتفق عليه في كلية الإعلام، الفرع الأول، في الجامعة اللبنانية أنّ حمامات الطلاب تقع لناحية اليمين من كل طابق من الطوابق الأربعة، بينما تقع حمامات الطالبات ناحية اليسار في كل منها، إلا أن الفتيات كسرن هذه القاعدة، وأصبحن يدخلن ويخرجن من حمامات الشباب في الكلية من دون أي رقيب أو حسيب.
احتللن الحمامات كلها في الكليّة، اقتلعن الرموز المرسومة على الأبواب الخشبية. وإن لم يقتلعنها، أضفن إليها بالحبر تنورة وقبّعة وكتبنَ تحتها بالخط العريض «for girls».
هكذا، أُوصد باب حمام الرجال في وجه الطالب. لا تكاد تفتحه إحداهن حتى يركض للدخول، فيخاله يحترق لكثرة الدخان المتصاعد، ففي الداخل، تتزاحم الفتيات أمام المرآة، يحملن السيجارة في يد، فيما اليد الأخرى تفتش في المحفظة عن أدوات التزيين.
لدى دخول الطالب الحمام، تشعر بعض الطالبات بالخجل، فيخرجن بسرعة، لكن منهنّ من تنتظر تثبيت ماكياجها بأكمله. أما الأخريات، فينهين سيجارتهن كي لا يلاحظ أحد خارج الحمام أنهن من المدخّنات. وعندما يخرجن من الحمام يشعر الطالب بالارتياح، فيسرح نظره في الحائط الموازي للمرآة، والملوّن بالماكياج كلوحة تشكيلية أتقنتها الأصابع المُدمغة بالألوان، والشفاه المُحمّرة التي تطبع القُبل. إلا أنه يتعذّر على هذا الطالب أن يجول بنظره في كلّ أرجاء الحمّام، فسلّات المهملات خطّ أحمر. يخجل من النظر فيها لأنّها تحتوي على «أشياء نسائية» مكشوفة علناً أمام كلّ من يدخل المرحاض.
ومن قال إن الطالب نجا من الطالبات عند خروجهنّ من الحمّام؟ فهناك الكثيرات اللواتي يفتحن الباب على هذا الطالب المسكين، الذي انتظر طويلاً، وهنالك الأخريات اللواتي يطرقن الباب عليه، وينادين بأصواتهن «ريم، زينب...» بحثاً عن صديقاتهن، وهنّ مقتنعات تماماً بأنّ حمام الشباب أصبح، حتماً، للإناث! وتالياً، أصبح الطالب يشعر بأنّه في المكان غير المناسب. أما إدارة الكلية، فليست لديها أدنى فكرة عما يحدث لمراحيض طلابها من الذكور.