فاتن الحاجيبدو أنّ مرسوم إعفاء فئات الصعوبات التعلّمية من امتحانات البريفيه الصادر في عام 2005ـ2006 لا يثير اعتراض المدارس الخاصة الدامجة فحسب، وإنما الأهل والمعنيين بالملف في وزارة التربية أيضاً. هذا على الأقل ما أظهرته أمس ندوة «الدمج المدرسي: تجارب وتحديات». وفيما تعلّق المنسقة المركزية للتوجيه التربوي والمهني في المديرية العامة للتربية جوليانا طرابلسي أنّ «المرسوم 16417 الخاص بالإعفاء لم يخدم الولد ولم يخدم الشهادة»، تسجّل مديرة ثانوية الكوثر، التابعة لجمعية المبرات، رنا اسماعيل، عدم اقتناع الثانوية به. فالمرسوم، كما تقول اسماعيل، لم يكن خياراً يخدم استكمال ذوي الاحتياجات الإضافية تعليمهم، وخصوصاً أنّ أصحاب الحالات البسيطة لم يتمكنوا من المتابعة الأكاديمية في المدارس والجامعات، فهذه الأخيرة لم تعدّل برامجها وقوانينها لاستقبال هؤلاء. ومن النتائج السلبية إدراج أسماء المعفيين من الامتحانات ضمن لوائح شاملة بدلاً من إعطاء شهادة لكل تلميذ على حدة، ما يحبط هؤلاء وذويهم عند استخدام الشهادة في أي مجال. من هنا كانت للثانوية تجربة مختلفة استطاعت بموجبها إلغاء الإعفاء والحصول على موافقة من وزارة التربية تسمح لتلامذتها بتقديم امتحاناتهم في مركز مختص، بعدما كان هذا المركز محصوراً فقط بذوي الإعاقات السمعية والبصرية والجسدية.
كيف سارت الأمور؟ القصة بدأت بتحايل على القانون أي بإدراج الثانوية لأسماء ذوي الصعوبات التعلمية ضمن جداول مؤسسة الهادي للإعاقة السمعية والبصرية، التابعة لجمعية المبرات أيضاً، كي يتمكن هؤلاء من إجراء امتحاناتهم في مركز مختص. لكن مع حلول العام الدراسي 2007 ـ 2008، شكلت الثانوية لجنة لمتابعة القضية وقصدت وزارة التربية مرات عدة لمعرفة الإجراءات اللازمة، وأهم ما طلب كان توقيع الأهل على وثيقة تؤكد عدم استفادة ابنهم من مرسوم الإعفاء إذا رسب في الامتحانات الرسمية.
«التجربة كانت دقيقة جداً لجهة عدم وجود آليات واضحة وصعوبة تأمين المستندات المعقدة التي طلبتها الوزارة»، تقول اسماعيل وتشرح «أن المساعي أثمرت في النهاية عن موافقة وزير التربية آنذاك خالد قباني على السماح للجميع، على اختلاف صعوباتهم، بتقديم امتحاناتهم في مركز مختص. وعندما زار الوزير المركز فوجئ ببعض الممتحنين من الثانوية الذين لا يكشف مظهرهم العام أنهم يعانون من إعاقات ملحوظة. وحين سأل أحدهم عن سبب وجوده في مركز كهذا، أجابه بذكاء، «لأنكن ما قبلتوا تعدلوا الامتحانات عم نقدم هون فعدلولنا الامتحانات منصير منقدم بمركز عادي». تعديل الامتحانات، يتطلب بحسب اسماعيل، على الأقل تعديل المناهج وتشكيل لجان مختصة لإعداد الأسئلة وغيرها.
أثارت التجربة اهتمام المشاركين في الندوة أمس، وخصوصاً أنّ البعض لم يكن سمع بمثل هذه الإجراءات، فطلبت المسؤولة عن مدارس مؤسسة الحريري فاطمة بكداش الرشيدي «تعميم الفائدة عبر تزويدنا بالإجراءات والمستندات المطلوبة». وسألت الرشيدي من جهة ثانية عمن يقيّم تجارب القطاع الخاص في التعاطي مع ذوي الاحتياجات الإضافية، وخصوصاً أنها لا تزال تجارب فردية وإن كانت تراكمية. أما مسؤول التربية المختصة في الجامعة اللبنانية الأميركية الدكتور أحمد عويني فاستفسر عن طبيعة المساعدة التي حصل عليها الطلاب في المركز المختص، وما إذا كانت مثل هذه الامتحانات جدية. هنا، وافقت اسماعيل على أنّ الأمر لا يزال في البداية ويحتاج إلى آليات للضبط، وخصوصاً أنّ الاحتياجات متنوعة والمقاربات تختلف بين حالة وأخرى.


دور الوزارة

كان لافتاً أن تدير وزارة التربية، ممثلة بمنسّقة التوجيه التربوي جوليانا طرابلسي جلسات الندوة التي تضمنت تجارب مختلفة في التربية الدامجة. وتحدثت طرابلسي عن الإعداد لبرنامج وطني للدمج المدرسي سيتناول القوانين والتشريعات والسياسات ومشروعاً نموذجياً سيبدأ قريباً في عدد من المدارس الرسمية والخاصة! في المقابل، فاجأت الأرقام التي قدمتها الاستشارية في التربية المختصة الدامجة بولين نجاريان المشاركين، فهناك فقط 1824 تلميذاً من ذوي الاحتياجات الإضافية اندمجوا في 41 مدرسة من أصل حوالى 400 ألف طفل. ويتوزع المندمجون كالآتي: 18.4% في رياض الأطفال، 63.4% في المرحلة الابتدائية، و18.2% في المرحلة الثانوية. النسبة انخفضت في المرحلة الأخيرة، أين يذهب الباقون؟ السؤال برسم الوزارة.