أكثر من أربعة آلاف امرأة فقط لا غير بدأن العمل في ماكينة تيار المستقبل الانتخابية في دائرة زحلة والبقاع الأوسط، على الرغم من تغييب العنصر النسائي عن لوائح التيار في دوائر البقاع الثلاث. هذا العدد الكبير من النساء العاملات في الشأن الانتخابي، وفي منطقة ريفية لها عاداتها وتقاليدها، يخضع منذ فترة لمراقبة دقيقة من مختلف القوى
عفيف دياب
تقف القوى السياسية والدينية والحزبية حائرة أمام الهجمة النسائية غير المسبوقة أو المعهودة في المنطقة، على المشاركة في العملية الانتخابية كعناصر ماكينة ومفاتيح لتيار المستقبل، من دون أن تقوى على تقدير مدى تأثيرها في النتائج، وخصوصاً أن هذا الإقبال للنساء على العمل في الماكينة لا يقابله ترشيح نساء على لوائح التيار، فعدد مرشحات المنطقة لا يتجاوز اثنتين، كلتاهما ليستا على لوائح «السما الزرقا».
وتقول إحدى المشاركات الرئيسيات في عمل ماكينة تيار المستقبل الانتخابية في دائرة زحلة والبقاع الأوسط، وقد رفضت الإفصاح عن اسمها لأسباب شخصية، إنهن فرضن أنفسهن على الماكينة الانتخابية التي لم تكن تكترث لدور المرأة في العملية الانتخابية، تقنياً ولوجستياً وحتى سياسياً و«أصبحنا رقماً صعباً في المعادلة الانتخابية المحلية، ومرجعية لا يستهان بها لمرشحي التيار أو المدعومين منه مباشرة». وتضيف أن وفداً من 1600 امرأة بقاعية التقى النائب سعد الحريري في قصر قريطم و«أعطانا دعماً كبيراً بعدما لمس مدى نجاحنا في إدارة الانتخابات، قائلاً لنا هيك الشغل أو بلاه».
اعتماد تيار المستقبل في البقاع الأوسط على النساء في إدارة معركته الانتخابية ميدانياً، كان عرضة لجملة من الانتقادات الكبيرة والصغيرة من رجال دين، وجدوا في الهجمة النسائية على العمل الانتخابي، خروجاً على التعاليم الدينية وعن «عاداتنا وتقاليدنا» وفق قول إمام مسجد في البقاع الأوسط الشيخ أحمد الجمال، اتهم تيار المستقبل بتحريض النساء على أزواجهن وترك منازلهن وأولادهن و«الدوران في الشوارع، وشغل انتخابات بلا طعمة». انتقاد رجل الدين عمل المرأة البقاعية في الانتخابات، قابلته أيضاً سلسلة انتقادات من رجال يعملون في الماكينة الانتخابية للمستقبل و«مش قادرين نلحق عليهن (...) راح يخربولنا بيتنا، طلعوا أحسن منا بالشغل» يقول أبو عمر الميس، معتبراً أن انتخابات زحلة والبقاع الأوسط «راح تكون انتخابات نسوان بنسوان. بعد ناقصنا النسوان يعلمونا شغلنا». هذا الكلام أثار حفيظة شابة جامعية (طلبت عدم ذكر اسمها) كانت تستمع إلى كلام «أبو عمر» بانتباه شديد و«راح نفرجيكن بسبعة حزيران. بكرا بتشوف شغل النسوان شو بيطلعوا منو... شفنا شغلكن بالانتخابات الماضية وكيف سقطنا».
ارتفاع سقف التحدي بين نساء تيار المستقبل في دائرة زحلة ورجاله، ألزم نساء التيار المنقبات والسافرات، بإطلاق ورشة عمل واسعة النطاق باشرت عملها في طول دائرة زحلة وعرضها لإيصال عدد العاملات بالماكينة إلى 8 آلاف امرأة حسب ما أبلغت إحدى الناشطات، التي فضلت عدم الإفصاح عن اسمها لـ«الأخبار». وتقول إنعام قاروط، المشاركة في هذه المجموعة، إن عدد السيدات اللواتي يشاركن اليوم في إدارة العملية الانتخابية لتيار المستقبل في دائرة زحلة والبقاع الأوسط وصل إلى 4 آلاف امرأة، «والحبل على الجرار، وراح يوصل عددنا إلى 8 آلاف امرأة وخلينا نشوف شو بدن يعملوا الرجال اللي قاعدين يشربوا قهوة بالمكاتب». وتوضح أن مهماتهن ليست مقتصرة على العمل الانتخابي، بل إنهن يجرين مصالحات سياسية مع فاعليات محلية كانت على خلاف مع التيار و«نجحنا حيث فشل الرجال». متحدثة عن دورهن الذي يبدأ من تنظيم لوائح الشطب مروراً بتنظيم اللقاءات والاحتفالات والندوات الخاصة بهن وصولاً إلى وضع برامج عمل يومية للمرشحين الذين عليهم الالتزام بها بعد التنسيق معنا.
تصدر نساء تيار المستقبل، أو كما يطلق عليهن الخصوم في البقاعين الأوسط والغربي «نسوان السما الزرقا»، الصفوف الأمامية في هجمة التيار الانتخابية، «ليست بلا مقابل مالي»، كما تقول الناشطة في حزب الاتحاد منى أبوجخ التي تؤكد أن حركة النساء البقاعيات هذه: «وفر لها تيار المستقبل موازنة مالية كبيرة جداً ساهمت في رفع وتيرة النشاط الانتخابي». وهو نشاط سيمتد إلى مدينة زحلة بعدما لمست القوى المسيحية في 14 آذار مدى نجاح فكرة حليفهم تيار المستقبل في الشارع الإسلامي الأكثر تحفظاً منهم في أسلوب الحياة الاجتماعية. هكذا، تقول القواتية لينا حنا إن صديقاتها وزميلاتها في تيار المستقبل ناقشن معها فكرة أن تصبح النساء العمود الفقري في الماكينات الانتخابية في مدينة زحلة. وتضيف أن نشاط «نساء تيار المستقبل، فتح شهيتنا على العمل الميداني المباشر في الانتخابات».
في مقابل هذا النشاط الانتخابي البارز لنسوة المستقبل، فإن عمل قطاعات النساء في أحزاب الأقلية النيابية وتياراتها، ما زال خجولاً جداً، رغم بروز نشاط سيدات التيار الوطني الحر في مدينة زحلة. ويقول مسؤول الإعلام في التيار الزميل ميشال أبو نجم إن نحو 45% من العاملين في ماكينة التيار الانتخابية هم من النساء، ولا سيما من الجامعيات اللواتي يتفرغن تطوعياً لإدارة الماكينة الانتخابية. واعتبر أن بروز دور النساء في ماكينة تيار المستقبل الانتخابية «يعود إلى المال» بالدرجة الأولى، ومتنبئاً بأنه «سرعان ما سيتوقف دورهن مع إقفال صناديق الاقتراع مساء 7 حزيران المقبل»، وبغض النظر عما إذا كانت تلك أماني الخصوم أم حقائق، فإن عدوى إشراك النساء بالماكينات تنتشر. هكذا، يقول رئيس منظمة شباب حزب الاتحاد حسن مراد إن 30% من ماكينة الوزير السابق عبد الرحيم مراد الانتخابية هم من النساء، معتبراً أن تيار المستقبل «يستغل فقر الناس ويعمل على توظيف النسوة في ماكينته الانتخابية لرفع نسب الاقتراع لمصلحته مقابل مبالغ مالية. فالتيار يوظف كل أفراد الأسرة، ولا سيما النساء، ليضمن التصويت الكامل له».