روني عبد النور
يكتسب عالم البحار مزيداً من الأهمية يوماً بعد يوم. أحد تجليات ذلك يظهر من خلال بناء الغواصات المتطوّرة الصنع. في هذا السياق، كُشف عن غواصة Super Falcon المعدّة للغوص في أعماق كبيرة والصالحة للاستخدامات العلمية والحكومية والصناعية. الغواصة تخطت مرحلة كونها نموذجاً تصنيعياً أولياً وباتت الآن مطروحة للبيع.
فقد صمّمت شركة Hawkes الأميركية للتكنولوجيا Super Falcon، وهي تُعتبر وليدة الجيل الثالث من التصاميم المائية المجنّحة للشركة، من ضمن مجموعة (Deep Flight). إضافة إلى ذلك، تُعدّ الغواصة بمثابة بديل ثوري عن الغواصات التقليدية الثقيلة الوزن لناحية التطوير الذي طرأ على كل من تكنولوجيا التصميم والتصنيع.
يبلغ وزن Super Falcon نحو 1900 كلغ، تتسع لشخصين يجلسان الواحد خلف الآخر في قمرتين منفصلتين للقيادة. وتعتمد على قوى الدفع الهيدروديناميكية في الأجنحة التي تمكّنها من الغوص تحت مستوى الأمواج، وهو الأمر الذي يوفّر شروط الأمان داخلها. أما في حال تعرّضها إلى فقدان قوة الدفع أو إلى الأعطال الميكانيكية، فيمكن لها عندئذ أن تصعد بسرعة وتطفو على سطح الماء.
رغم أن التصميم الهندسي للهيكل الداخلي قد لا يكون فعالاً بما يكفي من أجل حماية الغواصة من قوة الضغط الهائلة التي تواجهها في الأعماق، وذلك خلافاً للأشكال الهندسية التقليدية الكروية والأسطوانية، إلا أن الفريق المصمّم عوّض عن ذلك باستخدام الألياف الكربونية العازلة للحرارة والشديدة المتانة في معرض بنائه للهيكل. من ناحية أخرى، يمكن القائد ومساعده أن يكونا مع النزر اليسير من معدات السلامة وأجهزة التحكم داخل بدن الغواصة. ومن شأن هذا التصميم، الذي يقّلص حجم الهيكل الداخلي، أن يحدّ المساحة المعرّضة إلى الضغط الهيدروستاتيكي وأن يبقي بالتالي الوزن متجهاً نحو الأسفل.
الغواصة، التي يبلغ طولها 6.7 أمتار، تتميّز بتصميم وأداء يجعلانها شبيهة بالطائرة. فالغواصات التقليدية تعمل بناءً على مبدأ أرخميدوس، فيما Super Falcon ترتكز على قوة دفع محرّكين اثنين وتتحرك في مختلف الاتجاهات بمساعدة تصميمها الذي يتيح لها التنقل في الاتجاهات كلها، أي التقدّم والصعود والهبوط والتمايل، ناهيك عن قدرتها على الدوران حول نفسها بمقدار 360 درجة كاملة، وذلك من أجل توفير رؤية أوضح لما ينطوي عليه القعر من مشاهد خلابة. في هذا الإطار أيضاً، تستطيع الغواصة أن تصل إلى عمق 500 متر تحت سطح الماء، وأن تبلغ سرعة قصوى مقدارها ستة أميال بحرية في الساعة (الميل البحري يساوي 1852 متراً). أما بطاريات الليثيوم المستخدمة فيها، فتجعلها قادرة على الغوص لمدة 8 ساعات متواصلة. يُذكر أيضاً أن نظام الغواصة الكهربائي يتطلّب جهداً كهربائياً يبلغ 50.4 فولتاً فقط، وهو ما لا يمثّل خطراً على طاقمها، إذ لا يصدر عن النظام سوى قدر محدود من الإشارات الكهربائية. بالنسبة إلى هواة عالم الغوص والبحار، قد يكون ثمن الغواصة البالغ 1.5 مليون دولار محبطاً لآمالهم. بيد أن الشركة المصممة تقدّم فرصة تجربة قيادة الغواصة عبر الانتظام في مدرسة تعليمية مخصصة لهذا الغرض. وتفتح المدرسة أبوابها لدورة ستجري خلال شهري حزيران وتموز المقبلين في خليج مونتيراي في كاليفورنيا. أما تكلفة التسجيل في الدورة التي تمتد ثلاثة أيام، فتبلغ 15000 دولار، أي ما يساوي 5000 دولار مقابل الحصول على بضع جولات قصيرة يومياً. وفي موازاة الكشف عن Super Falcon، توفر الشركة الراعية للمشروع (أكاديمية العلوم في كاليفورنيا) رحلات للشخصيات، على غرار رجال السياسة وأصحاب الملايين والباحثين والصحافيين، حيث تأخذهم في رحلات استكشافية لعالم البحار والمحيطات.