محمد زبيب«لزوم ما لا يلزم»... هكذا يمكن وصف خطوة مجلس الوزراء، الذي أقرّ في جلسته الأخيرة خطة استباقية أعدّها الرئيس فؤاد السنيورة لمواجهة تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتأليف لجنة برئاسته مهمتها إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية التي يقتضيها وضع مضمون هذه الخطة موضع التنفيذ.
لماذا؟ لأسباب عدّة، بعضها شكلي، والآخر جوهري:
أولاً، إن هذه الحكومة راحلة بعد الانتخابات النيابية المقررة في السابع من حزيران، أي بعد أقل من عشرة أيام، وبالتالي ليس مفهوماً أن تتخذ خطوة إجرائية لتأليف لجنة وزارية لن يتسنّى لها القيام بأي عمل في هذه الفترة الباقية... فضلاً عن أن هذه «الخطّة» موجودة منذ أسابيع عدّة، وعدم إقرارها إلا في آخر عهد الحكومة أمر يدعو إلى الريبة، أو على الأقل، إلى الاعتقاد بأنها من أدوات الحملة الانتخابية التي يقوم بها السنيورة.
ثانياً، هذه «الخطّة» ليست خطّة في الواقع، بل لائحة إجراءات لا يربطها شيء... وهي لم تعد «استباقية»، إذ إن الأزمة بدأت منذ أشهر ولم تحرّك الحكومة ساكناً، بل على العكس، فهي تبنّت خطاباً تطمينياً يروّج لمقولة إن «لبنان في منأى عن التداعيات»، وبالتالي ليس مفهوماً كيف أن حكومة تقرّ «خطّة» لمواجهة أزمة غير موجودة برأيها!
ثالثاً، تتضمّن «الخطّة» مسألتين تثيران الاستغراب:
أـــــ إن «الطريقة الكلاسيكية المتّبعة لمواجهة أزمات الركود أو الانكماش الاقتصادي كالتي يمر بها العالم في هذه المرحلة تفترض اتّباع سياسة مالية توسعية تؤدي إلى توفير سيولة إضافية في الاقتصاد...» وهي قد قامت بذلك، بحسب زعمها، إذ وفّرت سيولة إضافية بقيمة لا تقلّ عن 2.5 مليار دولار في السوق المحلية بسبب عوامل عدة، منها زيادة الأجور وانخفاض أسعار المحروقات والمواد الأوّلية.
ب ـــــ دعم فوائد القروض المصرفية الممنوحة للقطاع الخاص من قبل الخزينة عبر مصرف لبنان والقطاع المصرفي، كمّاً ونوعاً، وذلك من خلال توسيع دائرة المستفيدين من القروض المدعومة... وهو ما قام به مصرف لبنان منذ أسبوعين نيابة عن الحكومة وصلاحياتها، وقبل إقرار خطتها المزعومة، وتبيّن أن الهدف من ذلك استيعاب السيولة الفائضة بالليرة والمحافظة على معدّلات ربحية المصارف.