بنت جبيل ــ داني الأمينبقي يوم واحد لبدء المناورات الإسرائيلية الشاملة على الحدود مع لبنان، من دون أن يبدو على الأهالي المقيمين في القرى الحدودية اللبنانية أي خوف من حرب مرتقبة. لا خوف ولا شائعات، بل إن حركة البناء إلى ازدياد. وجميع المدارس الرسمية والخاصة قرّرت البدء في الامتحانات الأخيرة للعام الدراسي الحالي، فتجد الطلاب منكبّين على دروسهم، منتظرين نهاية عامهم الدراسي قبل موعد الانتخابات.
تعكس هذه الأجواء ثقة الأهالي بقوّة المقاومة وبعدم قدرة إسرائيل على شنّ الحرب في الوقت الحاضر، وخصوصاً في موسم انكشاف الشبكات الأمنية توالياً، كما يقولون. يشير أبو حسن مزرعاني (حولا) إلى حركة بيع المواد الغذائية العادية عنده «لا إقبال على التموين، كما كان يحدث عند أي نبأ حرب»، وهذا دليل على أن «أهالي المنطقة يعتقدون أن هذه المناورة تدخّل في الانتخابات النيابية المقبلة ضدّ حزب الله وأنصاره. فالحرب عند الإسرائيليين لم تعد لعبة ونحن نعلم أنها غير قادرة على شنّها الآن، ولن تفيدهم شيئاً لأنهم شاهدوا الهزيمة كما شاهدوا أن المنطقة المدمرة هنا في تموز 2006 أعيد بناؤها بأفضل مما كانت عليه».
بدوره يلاحظ شكري قاسم، صاحب محلّ لبيع المعجّنات، والمقيم عى بعد أمتار من موقع «العبّاد» الإسرائيلي، أن «الأهالي غير مهتمين بأنباء المناورة والحرب المقبلة، فهم أصبحوا معتادين على هذه الأجواء منذ عام 1948. وهم لا يتحدّثون عن هذه المناورة بل جلّ ما يثير اهتمامهم الآن هو كشف شبكات التجسّس الإسرائيلية، وقد هالهم نبأ كشف ضابط عميل في مؤسسة الجيش الوطنية».
ويؤكد قاسم أن «أبناء بلدته لا يشترون المواد التموينية تحسباً للحرب ولا يتهيأون للفرار أو الابتعاد عن الحدود، حتى أن والدي السبعيني الذي يسكن على بعد أمتار من الحدود اعتبر الحديث عن الحرب الآن أمراً جنونياً ورفض أن ينتقل من منزله إلى منزل أكثر أمناً».
لكن الوضع لا يسري على الجميع، إذ لا يخفي بعض التجّار تأثره سلباً بأنباء المناورة الأخيرة. فتجارة المفروشات والسّلع غير الضرورية خفّت نسبتها قليلاً، كما يقول محمد فرحات، ابن ميس الجبل. ويلفت إلى أن «خوف الأهالي يرتبط بوسائل الإعلام وتصريحات السيد حسن نصر الله، لأنهم يثقون به كثيراً». لكنه يعود ويستدرك: «اللافت هو عدم وجود أي مظهر من مظاهر التهيؤ للفرار. قد يكون الجميع راغبين بالبقاء في منازلهم إذا اندلعت الحرب هذه المرة. علماً بأن الأهالي هنا متخوّفون من الحرب الأهلية بسبب الانتخابات أكثر من خوفهم من إسرائيل، إذ يعتبرون أن المقاومة تضمن لهم النصر والأمان». أما مصدر الاطمئنان بالنسبة لمهيب قطيش فهو «وجود قوات اليونيفيل بأعداد كبيرة في المناطق الحدودية، ما ولّد نظرة لدى الأهالي بأن الحرب لن تقع، فإسرائيل لن تشنّ حرباً تزهق أرواح أصدقائهم وأبناء دول يخافون معاداتها». ويذهب باسل حمدان إلى أنّ «انكشاف العديد من شبكات التجسّس الإسرائيلية يعيق أي عمل عسكري في الوقت الحاضر من جانب إسرائيل، ما زاد من قناعة الأهالي بعدم وجود ارتدادات سلبية مخيفة بسبب المناورة».