رامي زريقثمة أخبار تتناقلها الصحف هذه الأيام عن علاقة الغذاء بالسياسة. فهناك مثلاً معلومات تؤكد إصابة أشخاص في دول الخليج وفي مصر بداء أنفلونزا الخنازير. ونعلم الآن أن هذا المرض لم يأت إلينا من المكسيك، بل يشاع أنه انتشر أولاً في مزرعة صناعية في الولايات المتحدة، حيث تربّى الخنازير بكثافة. انتقلت العدوى إلى مزرعة صناعية أخرى قرب مدينة فيرا كروز في المكسيك، حيث ساعد هذا النمط من التربية الحيوانية على انتشار العدوى. وتكمن أهمية هذه المزارع/ المصانع في أنها تعتمد على الأعلاف الرخيصة لإنتاج كميات هائلة من اللحوم وبيعها بأسعار متدنية تبسط من خلالها بعض الشركات العملاقة سيطرتها على المنظومة الغذائية. من ناحية أخرى، وجّهت صحيفة نيويورك تايمز إلى الحكومة المصرية اتهاماً مفاده أن السبب الرئيسي خلف الحملة المصرية لإعدام الخنازير كان التخلص من «الزبالين». والزبالون فئة من الفقراء المهمشين الذين يعتاشون على فرز النفايات وتربية الخنازير على بقايا الطعام. أما في لبنان، فقد أوردت الصحف المحلية خبراً عن مطالبة مزارعي التفاح في بشري بالتعويض عن الخسائر الناتجة عن تقلّبات المناخ التي قد تقضي على 80% من محصولهم هذا العام. وطبعاً لن تأتي التعويضات لأن لبنان يفتقر إلى سياسة غذائية وإلى آلية تأمين المحاصيل الزراعية.
قد يكمن سر العلاقة بين الغذاء والسياسة في مقولة هنري كيسنجر الشهيرة التي عبّر فيها عن استراتيجية الولايات المتحدة بعد حرب 1973 وانقطاع سيل النفط العربي لأيام قليلة عن الغرب: «من حكم الغذاء حكم الشعوب». فهم السياسيون اللبنانيون تماماً ما قصده كيسنجر، وها هم في أوج حملاتهم الانتخابية ينتقلون من وليمة إلى أخرى، ومن مطعم إلى آخر، يطربوننا بكلام لا طعم له.