سمير يوسفمنذ بضعة قرون أرسلتُ نفسي هديّة لغَيْمكِ. لم يكن الماء في المكان بهيئة ماء. نزلت وكنت فرداً واحداً من فيلق أو طابور. وأنا لا أذكر من هذا الموضوع إلا دخولي جحر تفّاحتك المنخور غصباً وبطريقة وحشيّة أيضاً. سأخبر تلك التي سأراها بعد دهر أنّ التراب الأحمر في شمالك أنبَتَني. كما أنّ هذا التراب الأحمر نفسه غرس في جبيني شفَقاً ومعوَلاً يشبهان كثيراً أحد الإعلانات من الحرب الباردة. سأخبرها أيضاً أنّني جلستُ في وعائي قبالة سنديانكِ مراراً وتكراراً، وتلهيت وأنا أعدّ الطيّات في زهور صفر اللون.
قرّرتُ أن أتكلّم في هذا الزمان البالغ البطء الذي أحيا فيه، فهذه دعوتي من الآلهة والشياطين الذين بين كليهما علقت. جيوش من الراحلين ما زالت تقفُ خلفي تنتظر انتهاء المشهد السينمائي حتى تجرفَ نفسها بسلام أغنية.
قرّرتُ أن أتكلّم، فهلمّوا يا بني هذا الشرق، يا سُمْر البشرة، هلمّوا نَبِع المزيد من الخيانة والتخلّف والدماء والعهر لرجل الشمال المتحضّر الأبيض.
هلمّوا ندمّر ما بقي من المعمورة فتصبح بالنتيجة هذه الأرض خالية حتّى من الأموات.
منذ بضعة قرون أنا هنا. كثرٌ مثلي امتلأت جباههم وجباههنّ بالحب وخيبة الأمل الرّوتينيين. كما أنّ كثراً قالوا إنّ الخارطة تغني، فما لبثَ أن أتى كثيرون. أتى قيصر وغورو وشارون يسألون عن طرد الأكفان من مرقدهم.
هذه هي للأسف، الأرض التي بها نُتيّم.