بعد أزمة المقابر في مخيمي شاتيلا والبرج، ها هي مقبرة عين الحلوة تستعد لرد «زائريها الجدد»، بعدما أُتخمت بأمواتها القدامى. كل هذا يحصل، فيما قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عاجزة عن توفير أرض جديدة لبناء مقبرة إضافية، ما يفتح الباب أمام احتمال دفن الأموات الجدد في قبور القدامى من أقربائهم. ويعود هذا العجز إلى الإجراءات المعقدة التي تتطلب تأليف لجنة من المنظمة للبحث عن عقار ورفع تقرير بنتيجة البحث إلى المنظمة التي تتكفّل البحث عن مصادر لتمويل المشروع وتكليف مهندسين لمسح العقار، في حال الموافقة على التقرير. غير أنه على الرغم من إعلان حالة الطوارئ في عين الحلوة منذ ما يقارب شهراً، إلا أن المنظمة لم تبدأ إجراءاتها رسمياً، وهو «أمر لا يمكن تبريره»، يقول أحد المسؤولين في مؤسسة الشؤون الاجتماعية في المنظمة الذي رفض ذكر اسمه. يشير هذا المسؤول إلى أن «قيادة المنظمة تتبرم من مسؤولياتها، فحتى اللحظة لم تأخذ المشكلة على محمل الجد، بدليل أنها لم تؤلّف لجنة رسمية لشراء الأرض». وتساءل مستغرباً: «لماذا لم تبادر المنظمة حتى الآن إلى التفاوض لشراء أحد العقارَين المعروضين برسم البيع في درب السين والواقعين بمحاذاة المخيم؟». لكن، ماذا تقول المنظمة؟ يلخّص عضو قيادة المنظمة ماهر الصبيطي المشكلة بقوله: «ما عم نلاقي أرض، وقد سبق أن تفاوضنا مع أحد الملاكين على عقار محاذ للمخيم بسعر50 ألف دولار أميركي للدونم، بيد أنه عندما باتت الأمور جدية وعزمنا على الشراء دخل سماسرة على الخط، ما ضاعف سعر العقار ليصبح الدونم بـ75 ألف دولار». أما المعضلة الأخرى التي تواجهها المنظمة «فهي أنه لا قطعة أرض داخل المخيم، ما يدفعنا للتفتيش خارجاً، وهذا صعب بعض الشيء».لكن، إن يسر الله أمر الأرض، فإنّ ثمة عقدة أخرى تتعلق بتوفير أموال الشراء. إذ يتخوف أمين سر لجنة حق العودة في منطقة الجنوب فؤاد عثمان من «أن تعجز السلطة الفلسطينية الراهنة عن توفير الأموال».
وإذا لم تتوافر الأموال، وهذا «احتمال كبير»، كما يشير المسؤول في مؤسسة الشؤون، فثمة أزمة كبيرة قد تقود إلى اللجوء إلى آخر الحلول، وهو دفن الموتى فوق أقاربهم. هكذا ستكون الحياة كما الموت على اللاجئين: زحمة يا دنيا ويا آخرة.
(الأخبار)