ريتا بولس شهوانفي الجهة المقابلة لإحدى الجامعات، يتدافع الطلاب أمام مدخل مكتبة محددة دون غيرها، والسبب أنّ هذه المكتبة تحديداً تقدم للطلاب خدمة «إنقاذية» في فترة الامتحانات النهائية. فهي تساعدهم على ابتكار نوع جديد من «الروشيتات»، وذلك عبر طبع أوراق الكتب بشكل صغير تصبح معه كلّ ورقة أصغر من حجم اليد ليستطيعوا إدخالها معهم إلى قاعة الامتحان.
هكذا، وجد طلاب العلوم الإنسانية حلاً لمعضلة تغيّب الأستاذ عن محاضراته، في المكتبة المقابلة للجامعة، وخصوصاً أنّ هذا الأستاذ «لأنّه تغيب»، على حد قول نادين إحدى طالباته، عاقب تلامذته الذين يحضرون أسبوعياً ولا يجدونه في حرم الجامعة. كيف عاقبهم؟ بصفحات وصفحات من المعلومات «المضنية» والمطولات «المعقدة» ووضع أكثر من أربعين طالباً تحت «ضغط الامتحانات». تسهّل هذه المكتبة عملية النجاح على رامي، فهو عوضاً عن صرف وقته في الحفظ، يغيّر حجم «فصول» الكتب لتساعده يوم الامتحان. حلّ سحري لطلاب يعيشون ضغط الامتحانات، بالإضافة إلى ضغط عمل بدوام جزئي يلتزمون به منذ بداية العام، ولعواقب تغيّب الأستاذ، يتيح لهم الإجابة عن كل أسئلة الامتحان «التعجيزية». لا ينفي أسعد شعوره بالذنب. فهذا التصرف يقع في سياق «الغش»، إلا أنّه يسأل عن سرقة الأستاذ لأمواله ووقته: «مقابل السرقة سرقة»، يقول. تحاول إحدى زميلاته ترطيب الأجواء، مشيرة إلى أنّهم لا يفضلون مبدأ «العين بالعين والسن بالسن»، إلا أنّ الأستاذ لا يفسح أمامهم مجال الدراسة يوماً بيوم، «فلو حضر الأستاذ لكان من الممكن أن يكسب احترام تلامذته»، كما تبرّر، مشددة على أنّ هذا الواقع يفقدهم حماسة الدرس.
يتابع أسعد هجومه على الأستاذ وعلى الإدارة، على حد سواء، وخصوصاً أنّه يرى أنّ من الظلم معاقبة الطالب، إذا اكتشف المراقب، أنّه «يغش». فالإدارة لا تحاسب الأساتذة على غيابهم عن الصفوف، أما إذا غاب طالب ما عن صف لدواعي المرض أو عمل تجبره أحواله المادية على الالتزام به إلى جانب دراسته، فيعاقب.