إنّها مستديرة، لونها أزرق داكن، وتسبّب الهلوسة أحياناً. حين تناولتها أول مرة، لم أكن مريضاً ولم أكن غاضباً حتى. كان ذلك بغرض المتعة وحسب. إنّه أحد الأقراص التي لا تبيعها الصيدليات إلّا بوصفة طبيب. من هو مثلي، ليس بحاجة إلى طبيب. يمكنه التخلّي عن رأسه لساعات. لم يكن الحصول عليها صعباً هو الآخر، فهي صغيرة الحجم، ويمكن دسّها في زجاجة عصير. زوّدني بها أحد الأصدقاء مرة خلف جدار مهجور، كأنه ستار ندلي فيه بأصواتنا، نحن الذين لا يسمع صراخنا أحد. قال الصديق إنّه أتى بها من المخيم، ولما أكترث من أين؟ فأنا نموت في الفوضى. استبعدت كل الفرضيات، والبشر الذين أعرفهم من ذاكرتي. غرقت في دوار، لا أذكر منه شيئاً، إلّا لوح شوكولاتة. مرة بعد مرة، أدمنت ذلك الدوار الجميل الذي يقي رأسي من ضجيج الناس من حولي. حتى الوقت، يمضي بطيئاً وأخال نفسي أعيش أعواماً إذا أخذ القرص مفعوله في جسدي كما ينبغي. تستغرق الطريق إلى ناصية الطريق ما يقارب شهرين. كان القرص عازلاً عن العالم الخارجي. كأنّه زجاج ضخم، يدفعني للنظر إلى الناس والإشارة إليهم بالحركات الغريبة، لكوني أرى عالمهم ولا يرون عالمي. بيد أنّ ذلك كان أمراً غير صائب على الإطلاق. ذات مرة، ضربت رجلاً مسنّاً لم يعجبني شكله. وفي مرة أخرى، شعرت بأن قدّاحتي تزن كيلوغراماً كاملاً. الدخول إلى العالم العادي لم يعد ممكناً، وذلك القرص الصغير يدخلني في عالمي الهجين. واليوم، أعجز أن أتخلى عن عالمي، مقابل النصائح الطبية المملّة. كلّفني الجلوس في الشارع أثناء المراهقة الخروج من الكرة الأرضية، إلى دوار لا أعرف أين يتجه ومتى ينتهي، كالسياسيين هنا تماماً. لا أشك في أنهم يتعاطون الأقراص التي أتعطاها. وإلّا لما تكرههم الناس؟ لا بد أنّهم من عالم آخر.
خواطر مدمن...