بينما تستمر موجة الغضب في الجامعات الفرنسية رداً على «قانون بيكريس» الذي يلزمها ببعض «الإدارة الذاتية»، تتفاوت مواقف طلابها من اللبنانيين
فرنسا ــ خضر سلامة
«إن قانون إعادة هيكلة الجامعات الفرنسية اقتصادياً هدفه إحكام القبضة البيروقراطية والبورجوازية على الجامعة الفرنسية وفصل اتصال الكليات في المدن المختلفة بعضها عن بعض من أجل إضعاف الحركة الطلابية، وهو يحوّل كل عميد جامعة إلى ساركوزي فاشي صغير». يقول أحد ممثلي الـUEC (اتحاد الطلاب الشيوعيين) لـ «الأخبار».
فقانون LRU، أو قانون بيكريس، الذي ينص على «استقلالية» مالية جزئية للجامعات الفرنسية، من شأنها فك التزام الحكومة بتمويلها، وتقسيم الميزانية بين سلطة المقاطعة والقطاع الخاص الذي سيتاح له الاستثمار في الجامعات، وعلى فرض قيود أشد صرامة على الأبحاث والباحثين وعلى سياسات التوظيف في الكليات، قد أقرّ بالرغم من المعارضة الشرسة التي لاقاها في البرلمان كما في الشارع والجامعات.
إلى جانب الخصخصة الجزئية للجامعات الفرنسية التي يحتمل أن «تؤدي تبعاتها إلى تفاوت قيمة الشهادات الجامعية بين مدينة وأخرى تبعاً لحجم استثمار القطاع الخاص فيها، كما ستؤدي إلى دخول مجموعات ضغط مالية إلى الجامعات»، كما يشرح فرانسوا بويون، أحد «مفاتيح» الحركة الاعتراضية، يقضي القانون بإنشاء لجنة مختصة لتقييم نتائج البحث وإخضاع الطلاب العابرين من مرحلة جامعية إلى أخرى إلى الفحص، كما يولي عميد الجامعة مسؤولية مراقبة عمل الباحثين والاساتذة أو إلغائها تبعاً لتقييمه الخاص. يضيف بويون، الذي يعرب عن تخوّفه أيضاً من القمع المحتمل للحركات الطلابية الفرنسية الذي يرمي إلى إخضاع المجتمع الفرنسي ككل لصيغة السوق المفتوح، ويجرد المجتمع الجامعي من وعيه السياسي والمطلبي: «أي بيروقراطية هذه؟ وكيف تحول الدولة الجامعة إلى شبه ملكية خاصة لفرد قد يستخدم صلاحياته في حسابات شخصية أو أهواء سياسية؟». وفيما يستبعد جون باتيست بريفوست، رئيس رابطة الـUNEF إحدى أكبر الرابطات الطلابية الفرنسية، انفراجاً قريباً، وخصوصاً «في ظل غياب إجابات صريحة وواضحة من فاليري بيكريس عن هواجسنا بخصوص تعهدات الدولة والتزاماتها، وديمومة دعم الطلاب من ناحية السكن وإعانات المصروف والمنح الدراسية»، فإن التحرك مستمر.
يرفض جون لويس فورنيل، من حركة «أنقذوا الجامعة»، اتهامات الحكومة للحركات الطلابية ووصفها بالراديكالية قائلاً «الراديكالية موجودة في تصرفات النظام الحالي، ورفضه حتى الآن لأي اجتماع وطني عام مع المعنيين من أساتذة ومراكز أبحاث جامعية وطلاب، وما زالت الحكومة تصر على حلول خطابية ووعود فارغة، وترفض الاعتراف بأننا دخلنا مرحلة الأزمة الوطنية العامة وتمارس التعتيم الإعلامي».
إزاء المشهد الجامعي الفرنسي الصاخب، ينقسم الطلاب الأجانب. ففيما يشدد جورج، الباحث في كلية الفيزياء، على تضامنه مع التحرك لأنه معني به بالدرجة الأولى، «إنه موقف مبدئي، لسنا طلاباً من درجات مختلفة، نحن والزملاء الفرنسيون مستهدفون من المعايير القانونية نفسه، الواقع يقول إن نضحي بأسابيع دراسية، من أجل ضمان السنوات المقبلة»، تتأفف لينا، طالبة الماجستير في كلية الآداب المعطلة تماماً من الإضراب الذي «عطل السنة الجامعية ويحملنا مصاريف السنة دون فائدة، وسيؤدي إلى تأجيل الامتحانات النهائية تالياً، هربنا من إضرابات الجامعة اللبنانية لنقع في إضرابات الجامعة الفرنسية!».
الطلاب اللبنانيون في الجامعات المعنية إذاً منقسمون في غياب قوة منظماتية جامعية فعالة توحد موقفهم. الأغلبية خائفة من إرسال بعض الأساتذة الدروس في رسائل إلكترونية لرفع مسؤولية الدكاترة عن الخلل في الدوام الجامعي، ومن إصرار رؤساء الجامعات على تاريخ الامتحانات النهائية حتى الآن، ما يزيد من ضغط الدراسة والتحصيل الفردي للمعلومة.