خضر سلامةفي رواية «تعطيل الدولة»، يتخيل شارلز ستروس هجوماً صينياً على البنية التحتية المعلوماتية للمملكة المتحدة... رواية تثير أسئلة كثيرة عن الصراع الخفي بين الدول على الأمن المعلوماتي في عالم اليوم، وأسئلة أخطر عن الرعب الذي يثيره التنين الصيني في قطاع الإنترنت والمعلومات. واليوم، بعد تحقيقات استمرت عشرة أشهر بناءً على طلب مكتب الدالاي لاما، أصدر فريق بحث معلوماتي كندي نتائج عمله التي كشفت النقاب عن شبكة تجسس إلكتروني «Ghostnet» مركزها الصين، وهي شبكة من 1300 كمبيوتر متضرر ببرمجيات تجسسية، في 103 دول حول العالم، موصولة بما يمكن أن تستعمل لهجوم تعطيلي، 30 في المئة من هذه الأجهزة، حسب التقرير الكندي الذي شارك فيه مركز مانك للدراسات الدولية، ومجموعة سيكوريتي ديف، أشارت إلى أن 30 في المئة من الكمبيوترات المصابة والمراقبة، تعود إلى سفارات ووزارات خارجية وحكومات ومنظمات غير حكومية، ولمكاتب الدالاي لاما في الهند وبروكسل ولندن، ما يفتح الباب أمام توقع تسرب معلومات حساسة إلى أيدي هذه المجموعة.
السؤال الأول الذي يطرح نفسه: من وراء هذا العمل؟ التقرير يؤكد وجود الشبكة في الصين، وتستعمل تحديداً خوادم جزيرة هاينان، التي يصادف أنها تحوي إحدى القواعد التقنية الأكبر لجيش التحرير الشعبي الصيني، ولكن فريق البحث أعلن أنه لا يملك أي دليل على تورط الحكومة الصينية، أو معرفة دوافع هؤلاء المتجسسين، الحكومة الصينية على لسان المتحدث الرسمي لوزارة خارجيتها، نفت أي علاقة للمؤسسات الرسمية أو العسكرية الصينية، ووصف التلميحات إلى دور حكومي في التجسس بأنها مجرد شائعات، «الصين حريصة على سلامة المستخدمين للشبكة وأمنهم، المشكلة هي في وجود عدد هائل من المتخصصين في الإنترنت في الصين، يستفيدون من حرية الوصول للإنترنت في ظل صعوبة الرقابة الدائمة» حسب المتحدث. فيما أكد تقرير مواز، لباحثين من جامعة كامبريدج شاركوا جزئياً في التحقيقات، أنهم يتهمون الحكومة الصينية بالمسؤولية عن هذه الشبكة، تبعاً لحسابات المصالح والرقابة القوية المفروضة في الصين على شبكة الإنترنت التي يصعب تجاوزها بهذا الحجم، كما قورنت المعلومات التي حصلت عليها Ghostnet خلال فترة عملها، مع معلومات استخدمتها الاستخبارات الصينية في اعتقالات ومضايقات حصلت تحت حجة رسائل إلكترونية معارضة أو اجتماعات مقبلة، وجدت في أرشيف Ghsotnet أثناء التحقيق.
يذكر أن أصل المشكلة يعود إلى صيف العام الماضي، حين اشتبه العاملون في المكتب الشخصي للدالاي لاما، الزعيم الروحي للتيبت، في وجود برمجية خبيثة على أحد أجهزة المكتب، وبعد فحصه، تولى الفريق الكندي التحقيق في موقع التجسس، ليعلن اليوم عن ضخامة الشبكة، التقرير يورد أن برامج التجسس المزروعة، متطورة وتدل إلى مهارة المستخدمين، الذين استطاعوا التحكم بالصوت وبالصورة في الأجهزة التي وصلوا إليها، ما يفتح المجال أمام توقع تجسسهم الحسي والتسجيلي على اجتماعات بعض المؤسسات والمكاتب، مستعملين أحد أنواع أحصنة طروادة التجسسية، المسمى Ghost Rat.
وأعادت هذه الشبكة إلى الذاكرة فضيحة مؤسسة Venus Info tech الخاصة الصينية المتمركزة في العاصمة بكين، التي من زبائنها وزراء ومؤسسات أمن حكومية محلية، اتضح لاحقاً أنها تزودهم بمعلومات عن نقاط الضعف في شبكات إنترنت خارجية، كما تنشئ أكثر من 2000 مركز تجسس على شبكة الخلوي المحلي لمصلحة الحكومة.
ونشير إلى أن الصين أيضاً شهدت هذا الأسبوع خضة أمنية على الشبكة، في ظل خوف العالم وترقبه لضربة دودة كونفيكر، أصدرت مؤسسة أمن معلوماتية فيتنامية تقريراً قالت فيه إن الجيل الثالث من دودة كونفيكر المصنف باسم C، والذي أطلق في 20 شباط الماضي ويعد أخطر من الجيلين السابقين قد يكون مصدره الصين هذه المرة، مؤسسة BKIS المتمركزة في العاصمة الفيتنامية، قالت إنها استطاعت إيجاد تشابه كبير بين أكواد Conficker C وأكواد Nimda، الفيروس الصيني الذي أحدث أضراراً كبيرة عام 2001.